المجازية خلاف الأصل.
نعم لا ننكر كثرة استعمالاتها في التذلل الخاص والخضوع والخشوع بعنوان مخصوص، من غير تمامية القيود المزبورة في كلماتهما، فإنه لا يعتبر في تحقق ماهية العبادة، إلا الخضوع بعنوان إظهار المبدئية أو المدخلية في الأمور الخارجة عن اختيار البشر عادة ومتعارفا، كالاستشفاع ونحوه، ولكن لا يرجع ذلك إلى أنه من أصل اللغة، بل هذا من كثرة الاستعمال، فاغتنم.
وبالجملة: ما عن الجمهور من: أنها بمعنى مطلق الخضوع، يمكن أن يجتمع مع ما عن بعضهم من: أنها الخضوع الخاص وحصة من الذلة والخشوع، فإن الأول ناظر إلى أصل اللغة والوضع التعييني، والثاني ناظر إلى الوضع التعيني الحاصل من كثرة الاستعمال، وبذلك نجمع بين المقالتين.
وغير خفي: أن جميع مشتقات العبادة لا يستعمل في الخضوع الخاص، بل الثلاثي المجرد منه يكون ظاهرا فيه، كما أن ابن السكيت قال: العبادة معناها التجريد (1)، وهو غير راجع إلى محصل.
وأيضا غير خفي: أن تعديه بالتشديد مغاير لتعديه بالتخفيف نحو عبدت الرجل: ذللته، وعبدت الله: ذللت له.
ومما يخطر بالبال: أن العبادة تتعدى بنفسها، كقوله تعالى: * (إياك نعبد) * وغير ذلك من الاستعمالات الكثيرة، فلو كانت - بحسب المعنى - هي