الوجه الثاني: أن الألف واللام للتعريف، ولا يعقل التعريف إلا باستيعاب اللفظ جميع أفراد الغيب، كما تحرر في * (الحمد لله رب العالمين) *.
الوجه الثالث: أن مقدمات الإطلاق، كما تفيد فائدة العموم الأفرادي في ناحية الجملة النافية، مثل قوله: لا تشرب الخمر، وما رأيت أحدا، كذلك هي تفيد فائدة العموم الأفرادي في ناحية الإثبات والجملة المثبتة، مثل قوله: أكرم العالم ورأيت أحدا، لأن ما هو موضوع الحكم هو نفس الطبيعة، وهي لمكان تكثرها حسب المنضمات الخارجية، تكون صادقة على جميع الأفراد، وحيث إن الموضوع هو نفس الطبيعة فلابد من تكثر الحكم بتلك الكثرة، فقوله تعالى: * (يؤمنون بالغيب) * إذا كان الجنة من الغيب فهو مؤمن بها، وإذا كان النار منه فكذلك، فتأمل.
الوجه الرابع: بما أن القرآن كسائر كتب التأليف والتصنيف، يشتمل على مصطلحات خاصة يطلع عليها أهل الفكر والتدبر، وسيمر عليك في بعض المواقف ما يؤيد هذه الكلية، بذكر الشواهد القطعية على أن كلمة الغيب في الكتاب الإلهي اصطلاح في قبال الشهادة، وأن العالم بين الغيب والشهادة، وذلك يظهر بمراجعة موارد استعمالها:
1 - * (عالم الغيب والشهادة) * (1)، وهذا كثير جدا.
2 - * (غيب السماوات والأرض) * (2)، وهذا أيضا كثير الورود.