وأما الالتزام بأن معناه واحد، وهو ضد اليقين وخلاف العلم، سواء كان شكا متساوي النسبة - حسب الاصطلاح - أو ظنا، وسواء كان مقارنا مع التهمة أو غير مقارن، فإذا قيل: " دع ما يريبك " فمعناه: أنه اطرح ما لا يقين فيه، وما يورث وقوعك في ما لا علم به.
والذي يظهر من التفتازاني، أنه من الأضداد، لقوله بالفارسية:
ده لفظ از نوادر ألفاظ برشمر * هر لفظ را دو معنى آن ضد يكدگر وقد عد منها كلمة " الريب "، وما هو الأقوى والأرجح من اللغة وموارد استعماله هو الثاني، بل كونه بمعنى الحاجة خلاف التحقيق وإن صرح به " القاموس " وغيره (1).
وما في الحديث: " إن اليهود مروا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال بعضهم:
سلوه، وقال بعضهم: ما رابكم إليه " (2)، فمعناه: ما أقلقكم إليه وأوقعكم في الشك بالنسبة إلى نبوته، فإن في السؤال عنه تلميح إلى الريب في رسالته.
والعجب: أن أصحاب اللغة غفلوا عن معنى الحديث، وظنوا أنه بمعنى الحاجة (3) هنا، فإذا قيل: لا ريب في كذا، فلا نحتاج في نفي الشك والظن والاتهام إلى التمسك بذيل استعمال اللفظ الواحد في الأكثر من معنى واحد، ولا إلى أن المراد منه الشك فغيره منفي بالأولوية القطعية،