النشآت، وإلى الأمر الجامع، وهو طلب الاستعانة والإعانة.
4 - ومنها: أن في تأخير العبادة ذكرا للخاص بعد العام، دون عكسه، والأول صحيح، دون الثاني، كما لا يخفى.
فبالجملة: للإنسان المكار الحيال اختراع الوجوه لجهات مختلفة من الكلام، فلا ينبغي الاقتصار على هذه الأمور في هذه المواقف.
والذي هو الأظهر: أن المشركين كان من دأبهم أن يتشبثوا بالأصنام ويتخذونها وسائط ويعبدونها ويستمدون منها وكأنهم يقفون حذاءها ويقولون:
إياك نعبد وإياك نستعين، فجاء الإسلام ومنعهم عن ذلك ونهاهم، وأمرهم بأن يعبدوا الله الواحد القهار، من غير حاجة إلى تلك الوسائط وهذه الوسائل الدنيوية الضعيفة في الوجود والكمال، وأدبهم بكيفية العبادة، فقالوا: * (إياك نعبد وإياك نستعين) *.
وبعبارة أخرى: يعلم من الفاتحة ومن هذه السور ما كانوا يصنعون في عهد الجاهلية من الأفعال السيئة، فهي نسخة دوائهم، ونموذج يشير إلى دائهم الذي ابتلوا به في تلك الأعصار.
وعلى هذا لا نظر في التقديم والتأخير بعد ذلك، نعم اقتضاء أسلوب الكلام والسجع هو تقديم مادة العبادة على مادة الاستعانة، لأن الكتاب العزيز دقيق النظر في هذا الميدان، ويلاحظ المحسنات اللفظية أكثر من أن تحصى.