* (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم) * (1)، فالقوم منعم عليهم، وهو تعالى المنعم، وبناء على هذا تلزم الشبهة، وهي: أن القوم مفعول أول، والنعمة هي نفس الفعل الصادر من الفاعل، فكيف يعقل أن تكون مفعولا به، فلا يكون الإنعام متعديا، وهو خلاف ظاهر الكتاب واللغة، بل وصريح ابن حيان في التفسير.
فبالجملة: حيث قال: النعمة لين العيش وخفضه، ولذلك قيل للجنوب: النعامى للين هبوبها... إلى أن قال: وأنعم عليه بالغ في التفضل عليه، أي الهمزة في أنعم يجعل الشئ صاحب ما صيغ منه، إلا أنه ضمن معنى التفضل فعدي بعلى، وأصله التعدية بنفسه، أنعمته، أي جعلته صاحب نعمة، وهذا أحد المعاني التي لأفعل، وهي أربعة وعشرون معنى (2). انتهى.
وأنت خبير: بما في تفسيره لمعنى النعمة، حيث عرفت فيما سبق معناها، ولكن ينبغي الشكر حيث توجه هو إلى مشكلة المسألة لغة، ولكنه لم يأت في حلها بشئ.
والذي هو التحقيق: أن هيئة باب الإفعال: تارة تؤخذ من الجوامد، كما في الأمثلة التي مرت في المسألة الأولى، كقولهم: " كل جرم أجرمته، أو كل ذنب أذنبته " وإن كان بينهما الفرق في جهة كما لا يخفى، وحيث إن النعمة هي المال أو أعم منه ويكون من الأسماء الموضوعة للذوات،