وقول أبي الصخر الهذلي:
إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني نسيم الصبا من حيث يطلع الفجر وقوله (لولا أن تفندون) معناه: لولا أن تسفهوني، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: لولا أن تضعفوني في الرأي، عن ابن إسحاق. وقيل: لولا أن تكذبوني. والفند: الكذب، عن سعيد بن جبير، والسدي، والضحاك، وروي ذلك أيضا عن ابن عباس. وقيل. لولا أن تهرموني، عن الحسن، وقتادة. أي:
تقولون إنه شيخ قد هرم وخرف، وذهب عقله. وتقديره: إني أقطع أنها ريح يوسف، لولا أن تفندون (قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم) أي: قالوا له إشفاقا عليه، وترحما: إنك لفي ذهابك القديم، عن الصواب في حب يوسف عليه السلام، وإنه كان عندهم أن يوسف قد مات منذ سنين، ولم يريدوا بذلك الضلال عن الدين، وإنما أرادوا به المبالغة في حب يوسف، والأماني الفاسدة فيما كان يرجو من عوده بعد موته، عن قتادة، والحسن. وقيل: معناه إنك لفي شقائك القديم، عن مقاتل.
وفي هذا دلالة على أن لفظ القديم، قد يطلق في اللغة على المتقدم في الوجود.
(فلما أن جاء البشير) وهو يهوذا، عن ابن عباس، وفي رواية أخرى عنه أنه مالك بن ذعر (ألقاه على وجهه فارتد بصيرا) أي: ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب، فعاد بصيرا. قال الضحاك: عاد إليه بصره بعد العمى، وقوته بعد الضعف، وشبابه بعد الهرم، وسروره بعد الحزن، فقال للبشير: ما أدري ما أثيبك به! هون الله عليك سكرات الموت (قال) يعقوب لهم (ألم أقل لكم أني أعلم من الله ما لا تعلمون) أي: إني كنت أعلم أن الله يصدق رؤيا يوسف، ويكشف الشدائد عن أنبيائه بالصبر، وكنتم لا تعلمون ذلك. قال الحسن: كان الله سبحانه أعلمه بحياته، ولم يعلمه بمكانه (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين) فيما فعلنا.
(قال) يعقوب (سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) إنما لم يستغفر لهم في الحال، لأنه أخرهم إلى سحر ليلة الجمعة، عن ابن عباس، وطاوس، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام وقيل: أخرهم إلى وقت السحر، لأنه أقرب إلى إجابة الدعاء، عن ابن مسعود، وإبراهيم التيمي، وابن جريج، وروي