له. وجائز أن ينتصب على أنه نداء ثان على تقدير يا فاطر السماوات، وذلك في موضع رفع بالابتداء، ويكون خبره (من أنباء الغيب) ويكون (نوحيه إليك) خبرا ثانيا. وإن شئت جعلت (نوحيه) هو الخبر، وجعلت (ذلك) في معنى الذي، وقوله: (من أنباء الغيب) صلته.
المعنى: (فلما دخلوا على يوسف) هاهنا حذف تقديره: فلما خرج يعقوب وأهله من أرضهم، وأتوا مصر، دخلوا على يوسف. وفي حديث ابن محبوب، بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام: إن يعقوب قال لولده: تحملوا إلى يوسف من يومكم هذا بأهلكم أجمعين. فساروا إليه ويعقوب معهم، وخالة يوسف أم يامين، فحثوا السير فرحا وسرورا، تسعة أيام إلى مصر. فلما دخلوا على يوسف في دار الملك، اعتنق أباه، وقبله، وبكى، ورفعه، ورفع خالته على سرير الملك. ثم دخل منزله، واكتحل، وادهن، ولبس ثياب العز والملك. فلما رأوه سجدوا جميعا إعظاما له، وشكرا لله عند ذلك، ولم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن، ولا يكتحل، ولا يتطيب، حتى جمع الله بينه وبين أبيه واخوته.
وقيل: إن يوسف بعث مع البشير مائتي راحلة، مع ما يحتاج إليه في السفر، وسألهم أن يأتوه بأهلهم أجمعين. فلما دنا يعقوب من مصر، تلقاه يوسف في الجند وأهل مصر، فقال يعقوب: يا يهوذا! هذا فرعون مصر. قال: لا هذا ابنك. ثم تلاقيا. قال الكلبي: على يوم من مصر، فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه، بدأ يعقوب بالسلام فقال: السلام عليك يا مذهب الأحزان! وفي كتاب النبوة بالإسناد عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أقبل يعقوب إلى مصر، خرج يوسف ليستقبله، فلما رآه يوسف هم بأن يترجل له، ثم نظر إلى ما هو فيه من الملك، فلم يفعل، فلما سلم على يعقوب، نزل عليه جبرائيل، فقال له: يا يوسف! إن الله جل جلاله يقول: منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح ما أنت فيه. أبسط يدك. فبسطها، فخرج من بين أصابعه نور. فقال. ما هذا يا جبرائيل؟ قال: هذا أنه لا يخرج من صلبك نبي أبدا، عقوبة بما صنعت بيعقوب، إذ لم تنزل إليه.
وقوله: (آوى إليه أبويه) أي: ضمهما إليه، وأنزلهما عنده. وقال أكثر المفسرين: إنه يعني بأبويه أباه وخالته، فسمى الخالة أما، كما سمى العم أبا في