ليوسف، وهم أنبياء؟ فأجاب أبو الحسن عليه السلام: أما سجود يعقوب وولده، فإنه لم يكن ليوسف، وإنما كان ذلك منهم طاعة لله، وتحية ليوسف، كما أن السجود من الملائكة لآدم كان منهم طاعة لله، وتحية لآدم. فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله تعالى، لاجتماع شملهم. ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت (رب قد آتيتني من الملك) الآية الخبر بتمامه.
(وقال) يوسف: (يا أبت هذا تأويل رؤياي) أي: هذا تفسير رؤياي، وتصديق رؤياي التي رأيتها (من قبل قد جعلها ربي حقا) أي: صدقا في اليقظة.
وقيل: كان بين الرؤيا وتأويلها ثمانون سنة، عن الحسن. وقيل: سبعون سنة، عن عبد الله بن شوذب. وقيل: أربعون سنة، عن سلمان الفارسي، وعبد الله بن شداد. وقيل: اثنتان وعشرون سنة، عن الكلبي. وقيل: ثماني عشرة سنة، عن ابن إسحاق. قال ابن إسحاق: وولد ليوسف من امرأة العزيز أفرايم، وميشا، ورحمة امرأة أيوب، وكان بين يوسف وبين موسى أربعمائة سنة.
(وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن) أي: وقد أحسن ربي إلي حيث أخرجني من السجن، وأنعم علي به (وجاء بكم من البدو) أي: من البادية، فإنهم.
كانوا يسكنون البادية، ويرعون أغنامهم فيها، فكانت مواشيهم قد هلكت في تلك السنين بالقحط، فأغناهم الله تعالى بمصيرهم إلى يوسف. وإنما بدأ عليه السلام بالسجن في تعداد نعم الله دون اخراجه من الجب، كرما، لئلا يبدأ بصنيع إخوته به. وقيل:
لأن نعم الله تعالى في اخراجه من السجن، كانت أكثر، ولأن السجن طالت مدته، وكثرت محنته (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) أي: من بعد أن أفسد الشيطان بيني وبين إخوتي، وحرش بيني وبينهم. وقال ابن عباس: معناه دخل بيننا بالحسد (إن ربي لطيف لما يشاء) أي: لطيف في تدبير عباده، يدبر أمرهم على ما يشاء، ويسهل لهم العسير، وبلطفه حصلت هذه النعم علينا من الاجتماع وغيره.
قال الأزهري: اللطيف من أسماء الله سبحانه معناه: الرفيق بعباده، يقال: لطف فلان بفلان لطفا: إذا رفق. وقال غيره: اللطيف: الذي يوصل إليك إربك في رفق. وقيل: اللطيف العالم بدقائق الأمور (إنه هو العليم) بجميع الأشياء (الحكيم) في كل التدابير. وفي كتاب النبوة بالإسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال يعقوب ليوسف: يا بني! حدثني كيف صنع بك إخوتك؟ قال: يا أبه! دعني.