(عليكم) ههنا فيه وجهان أحدهما: أن يكون في موضع الخبر على تقدير: لا تثريب يثبت عليكم، أو ثابت عليكم. ثم حذف ذلك، وانتقل الضمير منه إلى (عليكم) حيث سد مسده والآخر: أن يتعلق بمضمر ذلك المضمر وصف لتثريب.
وعلى هذا فيجوز فيه وجهان أحدهما: أن يكون في محل رفع، تقديره لا تثريب ثابت عليكم، كما تقول: لا رجل ظريف والآخر: أن يكون في محل نصب، تقديره: لا تثريب ثابتا عليكم، كما تقول لا رجل ظريفا. ثم حذفت الصفة، وقام الظرف مقامه. ويكون (اليوم) على هذا الوجه خبر لا. وعلى الوجه الأول يجوز أن يكون خبرا بعد خبر، ويجوز أن يكون متعلقا بالضمير الذي في الخبر. ويجوز أن يكون قد تم الكلام عند قوله (عليكم) وتعلق (اليوم) بما بعده، فيكون تقديره:
اليوم يغفر الله لكم، وهذا اختيار الأخفش. وهكذا الكلام في قوله: (لا ريب فيه).
المعنى: ولما قال يعقوب لبنيه: (اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه) خرجوا إلى مصر (فلما دخلوا عليه) أي: على يوسف (قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر) أي: أصابنا ومن يختص بنا الجوع، والحاجة، والشدة من السنين الشدائد القحاط. وقيل: إنهم شكوا ما نالهم من هلاك مواشيهم، والبلاء الذي أصابهم (وجئنا ببضاعة مزجاة) أي: ندافع بها الأيام ونتقوتها، وليست مما يتسع به.
وقيل: رديئة لا تؤخذ إلا بوكس (1) عن ابن عباس، والجبائي. وقيل: قليلة، عن الحسن، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، وأبي مسلم.
واختلف في تلك البضاعة، فقيل: كانت دراهم رديئة زيوفا، لا تنفق في ثمن الطعام، عن عكرمة، عن ابن عباس. وقيل: كانت خلق الغرارة والحبل، ورث المتاع، عن ابن أبي مليكة عنه. وقيل: كانت متاع الأعراب الصوف والسمن، عن عبد الله بن الحرث. وقيل: الصنوبر، والحبة الخضراء، عن الكلبي، ومقاتل.
وقيل: دراهم فسول (2)، عن سعيد بن جبير. وقيل: كانت أقطا، عن الحسن.
وقيل: النعال والأدم، عن الضحاك، وعنه أيضا أنها سويق المقل (فأوف لنا الكيل) كما كنت توفي في السنين الماضية، ولا تنظر إلى قلة بضاعتنا في هذه السنة