فقال: أقسمت عليك إلا أخبرتني. فقال له: أخذوني وأقعدوني على رأس الجب، ثم قالوا لي: إنزع قميصك، فقلت لهم: إني أسألكم بوجه أبي يعقوب، أن لا تنزعوا قميصي، ولا تبدوا عورتي. فرفع فلان السكين علي، وقال: انزل. فصاح يعقوب، فسقط مغشيا عليه، ثم أفاق، فقال له: يا بني! كيف صنعوا بك؟ فقال يوسف: إني أسألك بإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلا أعفيتني. قال: فتركه.
وروي أيضا أن يوسف قال ليعقوب عليه السلام: يا أبه لا تسألني عن صنيع إخوتي بي، وسل عن صنع الله بي. قال أبو حمزة: بلغنا أن يعقوب عاش مائة وسبعا وأربعين سنة، ودخل مصر على يوسف، وهو ابن مائة وثلاثين سنة، وكان عند يوسف بمصر سبع عشرة سنة. وقال ابن إسحاق: أقام يعقوب بمصر أربعا وعشرين سنة، ثم توفي ودفن بالشام. وقال سعيد بن جبير: نقل يعقوب إلى بيت المقدس في تابوت من ساج، ووافق ذلك يوم مات عيصو، فدفنا في قبر واحد، فمن ثم ينقل اليهود موتاهم إلى بيت المقدس. وولد يعقوب وعيصو في بطن واحد، ودفنا في قبر واحد، وكان عمرهما جميعا مائة وسبعا وأربعين سنة. ثم رجع يوسف إلى مصر بعد أن دفن أباه في بيت المقدس، عن وصية منه إليه، وعاش بعد أبيه ثلاثا وعشرين سنة. وكان أول رسول في بني إسرائيل، ثم مات، وأوصى أن يدفن عند قبور آبائه.
وقيل: دفن بمصر، ثم أخرج موسى عظامه، فحمله حتى دفنه عند أبيه.
وقيل: أفضت النبوة بعده إلى روبيل، ثم إلى يهوذا. وفي كتاب النبوة بالإسناد عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قلت له: كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر؟ قال: عاش حولين. قلت: فمن كان الحجة لله في الأرض يعقوب أم يوسف؟ قال: كان يعقوب الحجة، وكان الملك ليوسف. فلما مات يعقوب، حمله يوسف في تابوت إلى أرض الشام، فدفنه في بيت المقدس، فكان يوسف بعد يعقوب الحجة. قلت: وكان يوسف رسولا نبيا؟ قال: نعم أما تسمع قوله عز وجل (ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات). وبالإسناد عن أبي خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل يوسف السجن، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، ومكث فيها ثماني عشرة سنة، وبقي بعد خروجه ثمانين سنة، فذلك مائة سنة، وعشر سنين. قالوا:
ولما جمع الله سبحانه ليوسف شمله، وأقر له عينه، وأتم له رؤياه، ووسع عليه في ملك الدنيا ونعيمها، علم أن ذلك لا يبقى له، ولا يدوم، فطلب من الله سبحانه