ذنوبكم فإني أستغفر الله لكم (وهو أرحم الراحمين) في عفوه عنكم ما تقدم من ذنبكم. وقيل: في صنيعه بي حتى جعلني ملكا. وقيل: أراد باليوم الزمان، فتدخل فيه الأوقات كلها، كما قال الشاعر:
فاليوم يرحمنا من كان يغبطنا، واليوم نتبع من كانوا لنا تبعا وقيل: إن الكلام قد تم عند قوله (لا تثريب عليكم) ثم ابتدأ بقوله (اليوم يغفر الله لكم) وهو دعاء لهم (إذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا) قيل: إنه عليه السلام لما عرفهم نفسه، سألهم عن أبيه، فقال: ما فعل أبي بعدي؟
قالوا: ذهبت عيناه. فقال: اذهبوا بقميصي هذا، واطرحوه على وجهه، يعد مبصرا كما كان من قبل. قال ابن عباس (يأت بصيرا): يرتد بصيرا، ويذهب البياض الذي على عينيه (وأتوني بأهلكم أجمعين) إذا عاد بصيرا، وهذا كان معجزا منه، إذ لا يعرف أنه يعود بصيرا بإلقاء القميص على وجهه، إلا بالوحي. وقيل: إن يوسف قال إنما يذهب بقميصي من ذهب به أولا. فقال يهوذا: أنا ذهبت به، وهو ملطخ بالدم، فأخبرته أنه أكله الذئب. قال: فاذهب بهذا أيضا، وأخبره أنه حي، وأفرحه كما حزنته. فحمل القميص وخرج حافيا حاسرا حتى أتاه، وكان معه سبعة أرغفة، وكانت مسافة بينهما ثمانين فرسخا، فلم يستوف الأرغفة في الطريق، وقد ذكرنا شأن القميص من قبل.
وروى أيضا الواحدي بإسناده يرفعه إلى أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن نمرود الجبار لما ألقى إبراهيم في النار، نزل إليه جبرائيل بقميص من الجنة، وطنفسة من الجنة، فألبسه القميص، وأقعده على الطنفسة (1)، وقعد معه بحدثه، فكسا إبراهيم ذلك القميص إسحاق، وكساه إسحاق يعقوب، وكساه يعقوب يوسف، فجعله في قصبة من فضة، وعلقها في عنقه، فألقي في الجب والقميص في عنقه، فذلك قوله (إذهبوا بقميصي هذا) وقال ابن عباس: أخرج لهم قصبة من فضة، كانت في عنقه، لم يعلم بها اخوته فيها قميص، وهو الذي نزل به جبرائيل على إبراهيم. وذكر القصة. وقال مجاهد: أمره جبرائيل أن أرسل إليه قميصك، فإن فيه ريح الجنة، لا يقع على مبتلى، ولا سقيم إلا صح وعوفي.