وقد جاء عنهم حذف خبر إن، قال الأعشى:
إن. محلا، وإن مرتحلا، وإن في السفر إذ مضوا مهلا (1) أراد أن لنا محلا، وان لنا مرتحلا. قال أبو علي: قوله (من يتقي): لا يحمل على نحو قول الشاعر: (ألم يأتيك والأنباء تنمي) (2) لأن هذا ونحوه إنما يجئ في الشعر، ولكن تجعل (من) موصولة، فيكون بمنزلة الذي يتقي. ويحمل المعطوف على المعنى، لأن (من يتقي)، إذا كان (من) منزلة الذي، بمنزلة الجزء الجازم، بدلالة أن كل واحد منهما يصلح دخول الفاء في جوابه، فإذا اجتمعا في ذلك، جاز أن يعطف عليه، كما يعطف على الشرط المجزوم، لكونه بمنزلته فيما ذكرناه. ومثل ذلك قوله فأصدق وأكن، حملت (وأكن) على موضع الفاء.
ومثله قول من قرأ (ويذرهم في طغيانهم) جزما. ويجوز أن تقدر الضمة في قوله ويصبر، وتحذفها للاستخفاف كما يخفف نحو عضد وسبع، وجاز هذا في حركة الاعراب كجوازه في حركة البناء. وزعم أبو الحسن أنه سمع (رسلنا لديهم يكتبون) بإسكان اللام من (رسلنا). ويقوي ذلك قراءة من قرأ (ويتقه) ألا ترى أنه جعل (تقه) بمنزلة كتف، وعلم، فأسكن. فكذلك يسكن على هذا (ويصبر).
اللغة: الإزجاء في اللغة: السوق والدفع قليلا قليلا، ومنه قوله يزجي سحابا، قال النابغة:
وهبت الريح من تلقاء ذي أرل، تزجي مع الليل من صرادها صرما (3) وفلان يزجي العيش أي: يدفع بالقليل، ويكتفي به، قال الأعشى:
الواهب المائة الهجان، وعبدها، عوذا يزجي خلفها أطفالها (4) أي: يدفع. وقال آخر: (وحاجة غير مزجاة من الحاج) وإنما قيل: (ببضاعة مزجاة) لأنها يسيرة ناقصة. وإنما يجوز ذلك على دفع من أخذها. والمن: النعمة،