ألا من أراد الغذاء من المساكين فليتغذ مع يعقوب. وإذا كان صائما أمر مناديا فنادى:
ألا من كان صائما، فليفطر مع يعقوب، رواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ في صحيحه. (وأعلم من الله ما لا تعلمون) أي: وأعلم صدق رؤيا يوسف، وأعلم أنه حي، وأنكم ستسجدون له كما اقتضاه رؤياه عن ابن عباس. وقيل: وأعلم من رحمة الله وقدرته ما لا تعلمون، عن عطاء. وفي كتاب النبوة بالإسناد عن سدير الصيرفي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: إن يعقوب دعا الله سبحانه في أن يهبط عليه ملك الموت، فأجابه، فقال: ما حاجتك؟ قال: أخبرني هل مر بك روح يوسف في الأرواح؟ فقال: لا. فعلم أنه حي. فقال: (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه) ابن يامين. وقيل: إنهم لما أخبروه بسيرة الملك، قال: لعله يوسف، عن السدي. فلذلك قال: يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ابن يامين أي:
استخبروا من شأنهما، واطلبوا خبرهما، وانظروا أن ملك مصر ما اسمه، وعلى أي دين هو، فإنه ألقي في روعي أن الذي حبس ابن يامين هو يوسف، وإنما طلبه منكم، وجعل الصاع في رحله، احتيالا في حبس أخيه عند نفسه.
(ولا تيأسوا من روح الله) أي: لا تقنطوا من رحمته، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك. وقيل: من الفرج من قبل الله، عن ابن زيد. والمعنى: تيأسوا من الروح الذي يأتي به الله (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) قال ابن عباس: يريد أن المؤمن من الله على خير، يرجوه في الشدائد والبلاء، ويشكره ويحمده في الرخاء، والكافر ليس كذلك. وفي هذا دلالة على أن الفاسق الملي لا يأس عليه من رحمة الله، بخلاف ما يقوله أهل الوعيد.
سؤال: كيف خفي أخبار يوسف على يعقوب في المدة الطويلة، مع قرب المسافة؟ وكيف لم يعلمه يوسف بخبره لتسكن نفسه، ويزول وجده.
الجواب: قال الجبائي: العلة في ذلك أنه حمل إلى مصر فبيع من عزيز، فألزمه داره. ثم لبث في السجن بضع سنين، فانقطعت أخبار الناس عنه. فلما تمكن احتال في إيصال خبره بأبيه على الوجه الذي أمكنه، وكان لا يأمن لو بعث رسولا إليه أن لا يمكنه إخوته من الوصول إليه. وقال المرتضى، قدس الله روحه: يجوز أن يكون ذلك له ممكنا، وكان عليه قادرا، لكن الله سبحانه أوحى إليه بأن يعدل عن