الأشياء. وقد اعترض على ذلك بأنه لو كان كذلك لما اختص ذلك ببعض الأشياء دون بعض، ولأن الأجزاء تكون جواهر، والجواهر متماثلة، ولا يؤثر بعضها في بعض.
وقال أبو هاشم: إنه فعل الله بالعادة لضرب من المصلحة، وهو قول القاضي.
ورأيت في شرح هذا للشريف الأجل الرضي الموسوي، قدس الله روحه، كلاما أحببت إيراده في هذا الموضع قال: إن الله تعالى يفعل المصالح بعباده على حسب ما يعلمه من الصلاح لهم، في تلك الأفعال التي يفعلها، فغير ممتنع أن يكون تغييره نعمة زيد، مصلحة لعمرو. وإذا كان يعلم من حال عمرو، أنه لو لم يسلب زيدا نعمته، أقبل على الدنيا بوجهه، ونأى عن الآخرة بعطفه، وإذا سلب نعمة زيد للعلة التي ذكرناها، عوضه فيها وأعطاه بدلا منها عاجلا أو آجلا، فيمكن أن يتأول قوله عليه السلام: العين حق، على هذا الوجه. على أنه قد روي عنه عليه السلام ما يدل على أن الشئ إذا عظم في صدور العباد، وضع الله قدره، وصغر أمره. وإذا كان الأمر على هذا، فلا ينكر تغيير حال بعض الأشياء عند نظر بعض الناظرين إليه، واستحسانه له، وعظمه في صدره، وفخامته في عينه. كما روي أنه قال لما سبقت ناقته العضباء، وكانت إذا سوبق بها لم تسبق: ما رفع العباد من شئ إلا وضع الله منه. ويجوز أن يكون ما أمر به المستحسن للشئ عند رؤيته من تعويذه بالله، والصلاة على رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم، قائما في المصلحة مقام تغيير حالة الشئ المستحسن، فلا يغير عند ذلك، لأن الرائي لذلك قد أظهر الرجوع إلى الله تعالى، والإعاذة به، فكأنه غير راكن إلى الدنيا، ولا مغتر بها. إنتهى كلامه رضي الله عنه.
(وما أغني عنكم من الله من شئ) أي وما أدفع من قضاء الله من شئ، إن كان قد قضى عليكم الإصابة بالعين، أو غير ذلك (إن الحكم إلا لله عليه توكلت) فهو القادر على أن يحفظكم من العين، أو من الحسد، ويردكم علي سالمين (وعليه فليتوكل المتوكلون) أي: وليفوضوا أمورهم إليه، وليثقوا به (ولما دخلوا) مصر (من حيث أمرهم أبوهم) أي: من أبواب متفرقة، كما أمرهم يعقوب. وقيل: كان لمصر أربعة أبواب، فدخلوها من أبوابها الأربعة، متفرقين.
(ما كان يغني عنهم من الله من شئ إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) أي:
لم يكن دخولهم مصر كذلك يغني عنهم، أو يدفع عنهم شيئا، أراد الله تعالى إيقاعه بهم، من حسد أو إصابة عين، وهو عليه السلام كان عالما أنه لا ينفع حذر من قدر، ولكن