ابن يامين (فقد سرق أخ له) من أمه (من قبل) فليست سرقته بأمر بديع، فإنه اقتدى بأخيه يوسف. واختلف فيما وصفوه به من السرقة على أقوال فقيل: ان عمة يوسف كانت تحضنه بعد وفاة أمه، وتحبه حبا شديدا. فلما ترعرع أراد يعقوب أن يسترده منها، وكانت أكبر ولد إسحاق، وكانت عندها منطقة إسحاق، وكانوا يتوارثونها بالكبر. فاحتالت وجاءت بالمنطقة، وشدتها على وسط يوسف، وادعت أنه سرقها. وكان من سنتهم استرقاق السارق، فحبسته بذلك السبب عندها، عن ابن عباس، والضحاك، والجبائي، وقد روي ذلك عن أئمتنا عليهم السلام. وقيل: إنه سرق صنما لجده من قبل أمه، فكسره وألقاه على الطريق، عن سعيد بن جبير، وقتادة، وابن زيد. وقيل: إنه سرق دجاجة كانت في بيت يعقوب، أو بيضة، فأعطاها سائلا، فعيروه بها، عن سفيان بن عيينة، ومجاهد (فأسرها يوسف في نفسه) أي:
فأخفى يوسف تلك الكلمة التي قالوها (ولم يبدها لهم) أي: لم يظهرها (قال أنتم شر مكانا) في السرق لأنكم سرقتم أخاكم من أبيكم (والله أعلم بما تصفون) أي:
والله أعلم أسرق أخ له، أم لا، عن الزجاج. ويكون المعنى أنتم أسوأ حالا من يوسف، فإنه لم يكن له صنيع في المنطقة، وكان يتصدق بإذن أبيه، ولم تكونوا براء مما عاملتموه به. وقيل: معناه أنتم شر صنيعا بما أقدمتم عليه من ظلم أخيكم، وعقوق أبيكم، فأنتم شر مكانا عند الله منه أي: أسر هذه المقالة في نفسه، ثم جهر بقوله (والله أعلم بما تصفون) قال الحسن: لم يكونوا أنبياء في ذلك الوقت، وإنما أعطوا النبوة بعد ذلك. والصحيح عندنا: إنهم لم يكونوا أنبياء لأن النبي عندنا لا يجوز أن يقع منه فعل القبيح أصلا. وقال البلخي: إنهم كذبوا في هذا القول، ولم يصح أنهم كانوا أنبياء. وجوز أن يكون الأسباط غيرهم، أو أن يكونوا من أولادهم (قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه) أي: بدلا عنه إنما قالوا هذا لما علموا أنه استحقه، فسألوه أن يأخذ عنه بدلا شفقة على والدهم، ورققوا في القول على وجه الاسترحام، ومعناه: كبيرا في السن. وقيل: كبيرا في القدر لا يحبس ابن مثله.
(إنا نراك من المحسنين) إلى الناس. وقيل: من المحسنين إلينا في الكيل، ورد البضاعة، وفي الضيافة، ونحن نأمل هذا منك لإحسانك الينا. وقيل: إن فعلت هذا فقد أحسنت إلينا، فأجابهم يوسف بأن (قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا