ثم قلبها، ثم خسف بهم الأرض، فهم يتجلجلون فيها إلى يوم القيامة. فعلى هذا يكون معنى (جعلنا) جعل بأمرنا، وإنما اضافه إلى نفسه لأنه أمره به (وأمطرنا عليهم حجارة) أي: وأمطرنا على القرية أي: على الغائبين منها حجارة، عن الجبائي.
وقيل: أمطرت الحجارة على تلك القرية حين رفعها جبرائيل. وقيل: إنما أمطرت عليهم الحجارة بعد أن قلب قريتهم، تغليظا للعقوبة. وقيل: كانت أربع مدائن وهي المؤتفكات: سدوم، وعاموراء، ودوما، وصبوايم. وأعظمها (سدوم). وكان لوط يسكنها. قال أبو عبيدة: يقال مطر في الرحمة، وأمطر في العذاب (من سجيل) أي: سنگ گل، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير. بين بذلك صلابتها ومباينتها للبرد، وأنها ليست من جنس ما جرت به عادتهم في سقوط البرد من الغيوم. وقيل:
إن السجين: الطين، وعن قتادة، وعكرمة، ويؤيده قوله: (ليرسل عليهم حجارة من طين). وروي عن عكرمة أيضا أنه بحر معلق في الهواء بين الأرض والسماء منه أنزلت الحجارة. وقال الضحاك: هو الآجر. وقال الفراء: هو طين قد طبخ حتى صار بمنزلة الأرحاء، وقال: كان أصل الحجارة طينا فشددت، عن الحسن. وقيل: إن السجيل سماء الدنيا، عن ابن زيد، فكانت تلك الحجارة منزلة من السماء الدنيا (منضود) هو من صفة سجيل أي: نضد بعضها على بعض، حتى صار حجرا، عن الربيع. وقيل: مصفوف في تتابع: أي كان بعضها في جنب بعض، عن قتادة، وقيل: يتبع بعضها بعضا، عن ابن عباس. (مسومة) هي من صفة الحجارة أي:
معلمة، جعل فيها علامات تدل على أنها معدة للعذاب. وقيل: مطوقة بها نضخ من حمرة، عن قتادة وعكرمة. وقيل: كان مكتوبا على كل حجرة منها اسم صاحبها، عن الربيع. وقيل: عليها سيماء لا تشاكل حجارة الأرض، عن ابن جريج. وقيل:
مختومة، عن الحسن، والسدي، وقيل: مشهورة (عند ربك) أي: في علم ربك. وقيل: في خزائن ربك التي لا يملكها غيره، ولا يتصرف فيها أحد إلا بأمره (وما هي من الظالمين ببعيد) أي: وما تلك الحجارة من الظالمين من أمتك يا محمد ببعيد، أراد بذلك إرهاب قريش. وقال قتادة: ما أجار الله منها ظالما بعد قوم لوط، فاتقوا الله، وكونوا منه على حذر. وقيل: يعني بذلك قوم لوط، يريد أنها لم تكن تخطئهم. وذكر أن حجرا بقي معلقا بين السماء والأرض أربعين يوما يتوقع به رجلا من قوم لوط، كان في الحرم، حتى خرج منه فأصابه. قال قتادة: وكانوا أربعة آلاف الف.