أمثالهم بالفاحشة. وقيل: معناه ضاق بحفظهم من قومه ذرعه، حيث لم يجد سبيلا إلى حفظهم، وكان قد علم عادة قومه من الميل إلى الذكور، وقد أتوه في صورة الغلمان المرد. وأصله أن الشئ إذا ضاق ذرعه، لم يتسع له ما اتسع، فاستعار ضيق الذرع عند تعذر الإمكان، كما استعار الاتساع.
(وقال هذا يوم عصيب) أي: هائل، شديد، كثير الشر، التف الشر فيه بالشر. وإنما قال ذلك لأنه لم يعلم أنهم رسل الله، وخاف عليهم من قومه أن يفضحوهم. وقال الصادق عليه السلام: جاءت الملائكة لوطا وهو في زراعة قرب القرية، فسلموا عليه، ورأى هيئة حسنة، عليهم ثياب بيض، وعمائم بيض، فقال لهم:
المنزل. فتقدمهم، ومشوا خلفه، فقال في نفسه: أي شئ صنعت آتي بهم قومي وأنا أعرفهم؟ فالتفت إليهم فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله! وكان قد قال الله لجبرائيل: لا تهلكهم حتى يشهد عليهم ثلاث مرات، فقال جبرائيل: هذه واحدة.
ثم مشى لوط، ثم التفت إليهم فقال: انكم لتأتون شرارا من خلق الله! فقال جبرائيل عليه السلام: هذه اثنتان. ثم مشى، فلما بلغ باب المدينة، التفت إليهم فقال:
إنكم لتأتون شرارا من خلق الله! فقال جبرائيل: هذه الثالثة. ثم دخل ودخلوا معه حتى دخل منزله، فلما رأتهم امرأته، رأت هيئة حسنة، فصعدت فوق السطح، فصفقت فلم يسمعوا، فدخنت. فلما رأوا الدخان أقبلوا يهرعون فذلك قوله (وجاءه قومه يهرعون إليه) أي: يسرعون في المشي لطلب الفاحشة، عن قتادة، ومجاهد، والسدي. وقيل: معناه يساقون، وليس هناك سائق غيرهم، فكأن بعضهم يسوق بعضا، عن أبي مسلم. والهاء في (إليه) كناية عن لوط.
(ومن قبل) أي: ومن قبل اتيان الملائكة. وقيل: ومن قبل مجئ قوم لوط إلى ضيفانه. وقيل: من قبل مجيئهم إلى داره، عن الجبائي. وقيل: إنه من قبل بعثة لوط إليهم (كانوا يعملون السيئات) أي: يعملون الفواحش مع الذكور (قال) لوط (يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) معناه: إن لوط لما هموا بأضيافه، وجاهروا بذلك، فألقوا جلباب الحياء فيه، عرض عليهم نكاح بناته، وقال: هن أحل لكم من الرجال، فدعاهم إلى الحلال. واختلف في ذلك فقيل: أراد بناته لصلبه، عن قتادة. وقيل: أراد النساء من أمته، لأنهن كالبنات له، فإن كل نبي أبو أمته، وأزواجه أمهاتهم، عن مجاهد، وسعيد بن جبير. واختلف أيضا في كيفية عرضهن،