عباس عن قوله (بئس الرفد المرفود) قال: هو اللعنة بعد اللعنة. وقال الضحاك:
اللعنتان اللتان أصابتهم رفدت إحداهما الأخرى. (ذلك) أي ذلك النبأ (من أنباء القرى) أي: من أخبار البلاد (نقصه عليك) أي نذكره لك ونخبرك به تذكرة وتسلية لك يا محمد (منها قائم وحصيد) أي: من تلك الديار معمور وخراب، قد أتى عليه الإهلاك، ولم يعمر فيما بعد. وقيل: معناه منها قائم على بنائه لم يذهب أصلا وإن كان خاليا من أهله، وحصيد قد خرب وذهب واندرس أثره كالشئ المحصود، عن قتادة، وأبي مسلم. وقيل: منها قائم ينظر إليها، وحصيد قد هلك وباد أهله، عن ابن عباس. (وما ظلمناهم) بإهلاكهم (ولكن ظلموا أنفسهم) بأن كفروا وارتكبوا ما استحقوا به الهلاك، فكان ذلك ظلمهم لأنفسهم (فما أغنت عنهم آلهتهم) أي:
أوثانهم (التي يدعون من دون الله من شئ لما جاء أمر ربك) أي: عذاب ربك.
وقيل: أمر ربك بإهلاكهم (وما زادوهم غير تتبيب) أي: غير تخسير، عن مجاهد، وقتادة. والمعنى: لم يزيدوهم شيئا غير الهلاك والخسار. وإنما أضاف الإهلاك إلى الأصنام، لأنها السبب في ذلك، ولو لم يعبدوها لم يهلكوا. وإنما قال: (يدعون من دون الله) لأنهم كانوا يسمونها آلهة، ويطلبون الحوائج منها، كما يطلبها الموحدون من الله (وكذلك أخذ ربك) أي: وكما ذكر من إهلاك الأمم، وأخذهم بالعذاب. أخذ ربك (إذا أخذ القرى) أي: أخذ أهلها وهو أن ينقلهم إلى العقوبة والهلاك (وهي ظالمة) من صفة القرى، وهو في الحقيقة لأهلها وسكانها ونحوه: (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة) وفي (الصحيحين) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن الله تعالى يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ هذه الآية.
(إن أخذه أليم شديد) معناه: إن أخذ الله سبحانه الظالم مؤلم شديد الألم (إن في ذلك لآية) أي: إن فيما قصصنا عليك من إهلاك من ذكرناه على وجه العقوبة لهم على كفرهم، لعبرة وتبصرة، وعلامة عظيمة (لمن خاف عذاب الآخرة) أي: لمن خشي عقوبة الله يوم القيامة. وخص الخائف بذلك لأنه هو الذي ينتفع به بالتدبر، والتفكر فيه (ذلك يوم مجموع له الناس) أي: يجمع فيه الناس كلهم، الأولون والآخرون منهم، للجزاء والحساب. والهاء في (له) راجعة إلى اليوم (وذلك يوم مشهود) أي: يشهده الخلائق كلهم من الجن والإنس، وأهل السماء وأهل الأرض، أي: يحضره ولا يوصف بهذه الصفة يوم سواه. وفي هذا دلالة على