ربك) أرسلنا لهلاكهم، فلا تغتم (لن يصلوا إليك) أي: لا ينالونك بسوء أبدا (فأسر بأهلك) أي: سر بأهلك ليلا. وقال السدي: لم يؤمن بلوط إلا ابنتاه.
(بقطع من الليل) أي: في ظلمة الليل، عن ابن عباس. وقيل: بعد طائفة من الليل، عن قتادة. وقيل: في نصف من الليل، عن الجبائي. (ولا يلتفت منكم أحد) قيل: في معناه وجوه أحدها: لا ينظر أحد منكم وراءه، عن مجاهد.
كأنهم تعبدوا بذلك للنجاة بالطاعة في هذه العبادة والثاني: لا يلتفت أحد منكم إلى ماله، ولا متاعه بالمدينة، وليس معنى يلتفت من الرؤية، عن الجبائي. كأنه أراد في أن النظر إليهم عبرة فلم ينهوا عنها والثالث أن معناه ولا يتخلف منكم أحد، عن ابن عباس. والرابع: إنه أمرهم أن لا يلتفتوا إذا سمعوا الوجبة والهدة.
(إلا امرأتك) وقيل: إنها التفتت حين سمعت الوجبة فقالت: يا قوماه!
فأصابها حجر فقتلها. وقيل: إلا امرأتك معناه لا تسر بها (إنه مصيبها ما أصابهم) أي: يصيبها من العذاب ما أصابهم، أمروه أن يخلفها في المدينة (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) لما أخبر الملائكة لوطا بأنهم يهلكون قوم لوط، قال لهم: أهلكوهم الساعة لضيق صدره بهم، وشدة غيظه عليهم، فقالوا: إن موعد إهلاكهم الصبح. لم يجعل الصبح ظرفا، وجعله خبر (إن) لأن الموعد هو الصبح. وإنما قالوا له (أليس الصبح بقريب) تسلية له. وقيل: إنه إنما قال لهم:
أهلكوهم الساعة فقالوا ذلك. وفي هذا دلالة على أن الله سبحانه، إنما يهلك من يهلكه عند انقضاء مدته، وإن ضاق صدر الغير به. ويجوز أن يكون قد جعل الصبح ميقات إهلاكهم، لأن النفوس فيه أودع، والناس فيه أجمع. (فلما جاء أمرنا) فيه أقوال أحدها: جاء أمرنا الملائكة بإهلاك قوم لوط. والثاني: جاء العذاب، كأنه قيل: كن على التعظيم على طريق المجاز، كما قال الشاعر:
فقالت له العينان: سمعا وطاعة، وحدرتا كالدر لما يثقب (1) وعلى هذا فالأمر هو نفس العذاب والثالث: جاء أمرنا بالعذاب (جعلنا عاليها سافلها) أي: قلبنا القرية أسفلها أعلاها، فإن الله تعالى أمر جبرائيل عليه السلام فأدخل جناحه تحت الأرض، فرفعها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة، ونباح الكلاب،