معناه: أصلاتك تأمرك بترك عبادة ما يعبد آباؤنا، أو بترك فعل ما نشاء في أموالنا من البخس والتطفيف؟ (إنك لأنت الحليم الرشيد) قيل: إنهم قالوا ذلك على وجه الهزء والتهكم، وأرادوا به ضد ذلك أي: السفيه الغاوي، عن ابن عباس. وقيل:
انهم قالوا ذلك على التحقيق أي: إنك أنت الحليم في قومك، فلا يليق بك أن تخالفهم. والحليم: الذي لا يعاجل بالعقوبة مستحقها. والرشيد: المرشد.
(قال) شعيب: (يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي) مر تفسيره (ورزقني منه رزقا حسنا) قيل: إن الرزق الحسن ههنا: النبوة. وقيل: معناه هداني لدينه، ووسع علي رزقه، وكان كثير المال، عن الحسن. وقيل: كل نعمة من الله سبحانه فهو رزق حسن. وفي الكلام حذف أي: أفأعدل مع ذلك عما أنا عليه من عبادته، وإنما حذف لدلالة ما أبقاه على ما ألقاه (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) أي: لست أنهاكم عن شئ، وأدخل فيه، وإنما أختار لكم ما أختاره لنفسي. ومعنى ما أخالفكم إليه أي: ما أقصده بخلافكم إلى ارتكابه، عن الزجاج.
وهذا في معنى قول الشاعر:
لا تنه عن خلق، وتأتي مثله، عار عليك إذا فعلت عظيم وقيل معناه: وما أريد اجترار منفعة إلى نفسي بما أنهاكم عنه أي: لا آمركم بترك التطفيف في الكيل والوزن لتكون منفعة ما يحصل بالتطفيف لي (إن أريد إلا الإصلاح) أي: لست أريد بما آمركم به، وأنهاكم عنه، إلا اصلاح أموركم في دينكم، ودنياكم (ما استطعت) أي: ما قدرت عليه، وتمكنت منه (وما توفيقي إلا بالله) معناه: وليس توفيقي في امتثال ما آمركم به، والانتهاء عما أنهاكم عنه، إلا بالله، فلا يوفق غيره أي: وليس ما أفعله بحولي وقوتي، بل بمعونة الله، ولطفه، وتيسيره (عليه توكلت) والتوكل على الله: الرضا بتدبيره، مع تفويض الأمور إليه، والتمسك بطاعته (وإليه أنيب) أي: وإليه أرجع في المعاد، عن مجاهد. وقيل:
إليه أرجع بعملي ونيتي، عن الحسن. ومعناه أني أعمل أعمالي كلها لوجه الله.
(ويا قوم لا يجر منكم شقاقي) أي: لا يكسبنكم خلافي، ومعاداتي (أن يصيبكم) عذاب العاجلة، عن الزجاج. وقيل: معناه لا تحملنكم عداوتي على مخالفة ربكم، فيصيبكم من العذاب مثل ما أصاب من قبلكم، عن الحسن. وكان سبب هذه العداوة دعاؤه لهم إلى مخالفة الآباء والأجداد في عبادة الأوثان، وما يثقل