بالخير: المال، وزينة الدنيا، عن قتادة، وابن زيد، والضحاك. والمعنى أني أراكم في كثرة الأموال، وسعة الأرزاق، فلا حاجة بكم إلى نقصان الكيل والوزن.
(وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط) وصف اليوم بالإحاطة، بمعنى أنه يحيط عذابه بجميع الكفار، ولا يفلت منه أحد منهم، وأراد يوم القيامة، عن الجبائي. وهو من صفة العذاب على الحقيقة، لأن اليوم محيط بعذابه بدلا من إحاطته بنعمته، وذلك أظهر في الوصف، وأهول في النفس (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط) أي: أوفوا حقوق الناس في المكيلات والموزونات، بالمكيال، والميزان، بالعدل (ولا تبخسوا الناس) أي: ولا تنقصوا الناس (أشياءهم) أي أموالهم في معاملاتهم (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) أي: ولا تسعوا بالفساد، ولا تضربوا في الأرض (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين) البقية بمعنى الباقي أي: ما أبقى الله تعالى لكم من الحلال، بعد اتمام الكيل والوزن، خير من البخس والتطفيف. وشرط الإيمان في كونه خيرا لهم، لأنهم إن كانوا مؤمنين بالله عرفوا صحة هذا القول، عن ابن عباس. وقيل: معناه إبقاء الله النعيم عليكم خير لكم مما يحصل من النفع بالتطفيف، عن ابن جبير. وقيل: معناه طاعة الله خير لكم من جميع الدنيا، لأنها يبقى ثوابها أبدا، والدنيا تفنى، عن الحسن، ومجاهد. ويؤيده قوله (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا) الآية. وقيل: بقية الله رزق الله، عن الثوري (وما أنا عليكم بحفيظ) أي: وما أنا بحافظ نعم الله تعالى عليكم إن يزيلها عنكم، وإنما يحفظها الله عليكم، فاطلبوا بقاء نعمه بطاعته. وقيل: معناه وما أنا بحافظ لأعمالكم، وإنما يحفظها الله فيجازيكم عليها. وقيل: معناه وما أنا بحافظ عليكم كيلكم ووزنكم حتى توفوا الناس حقوقهم، ولا تظلموهم، وإنما علي أن أنهاكم عنه.
(قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا) إنما قالوا ذلك لأن شعيبا عليه السلام كان كثير الصلاة، وكان يقول إذا صلى: إن الصلاة رادعة عن الشر، ناهية عن الفحشاء والمنكر، فقالوا: أصلاتك التي تزعم أنها تأمر بالخير، وتنهى عن الشر، أمرتك بهذا، عن ابن عباس. وقيل: معناه أدينك يأمرك بترك دين السلف، عن الحسن، وعطا، وأبي مسلم. قالوا: كنى عن الدين بالصلاة، لأنها من أجل أمور الدين، وإنما قالوا ذلك على وجه الاستهزاء. (أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء)