والمعنى: ركب مستعدا بسلاحه، ومتلبسا بثيابه. وفي التنزيل (وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به) فكان المعنى: اركبوا متبركين باسم الله، ومتمسكين بذكر اسم الله، ويكون في (باسم الله) ذكر يعود إلى المأمورين. فإن قلت: فكيف يكون اتصال المصدر الذي هو (مجراها) بالكلام على هذا، فإنه يكون متعلقا بما في (باسم الله) من معنى الفعل، وجاز تعلقه به لأنه يكون ظرفا على نحو مقدم الحاج، وخفوق النجم، كأنهم متبركين بهذا الاسم، أو متمسكين به في وقت الجري، أو الإجراء والرسو، أو الارساء على حسب الخلاف بين القراء فيه.
ولا يكون الظرف متعلقا باركبوا، لأن المعنى ليس عليه، ألا ترى أن المعنى لا يراد اركبوا فيها في وقت الجري والثبات، إنما المعنى: اركبوا الآن متبركين باسم الله في الوقتين اللذين لا ينفك الراكبون فيها من الإجراء والارساء، ليس يراد اركبوا وقت الجري والرسو. فموضع (مجراها) نصب على هذا الوجه، بأنه ظرف عمل فيه المعنى. وفي الوجه الأول رفع بالابتداء، أو بالظرف. ويدل على أنه في الوجه الأول رفع، وإن كان ذلك الفعل الذي كان يتعلق به لا يعتبر به الآن، قول الشاعر، أنشده الأصمعي:
وا بأبي أنت، وفوك الأشنب * كأنما ذر عليه الزرنب (1) وحجة من فتح (مجراها) قوله: (وهي تجري بهم) ولو كان مجراها لكان وهي تجريهم. وحجة من ضم أن جرت بهم وأجرتهم يتقاربان في المعنى، يقال جرى الشئ، وأجريته، وجريت به. واما قوله: (يا بني) فقد قال أبو علي:
الكسر في الياء الوجه في (يا بني) وذلك أن اللام من ابن ياء أو واو حذفت في ابن، كما حذفت في اسم، واثنين. فإذا حقرت ألحقت ياء التحقير، فلزم أن ترد اللام الذي حذفت، لأنك لو لم تردها لوجب أن تحرك بالتحقير بحركات الإعراب، وتعاقبها عليها، وهي لا تحرك أبدا بحركة الإعراب، ولا غيرها.
ألا ترى أن من حذف الهمزة الساكن ما قبلها، في نحو الخب ء، لم يفعل ذلك في الهمز نحو أفيإس (2)، إنما يبدل من الهمزة ياء، ويدغم فيها ياء التحقير، كما