يفعل ذلك مع ياء خطية، وواو مقروة، ونحو ذلك من حروف المد التي لا تتحرك.
فإذا تبينت أن ياء التحقير أجريت هذا المجرى، علمت أنها لا تتحرك، كما لا تتحرك حروف المد التي أجريت بالتحقير مجراها. فلو لم ترد اللام مع ياء التحقير، وجعلتها محذوفة في التحقير، كما حذفتها في التكبير، للزم الياء التي للتحقير الانقلاب، كما لزم سائر حروف الإعراب، فيبطل دلالتها على التحقير. كما أن الألف في التكسير، لو حركتها لبطلت دلالتها على التكسير. ولذلك رددت اللام، فإذا رددت اللام وأضفتها إلى نفسك اجتمعت ثلاث ياءات: الأولى منها التي للتحقير، والثانية لام الفعل، والثالثة التي للإضافة تقول هذا بني فإذا ناديت، جاز فيها وجهان: اثبات الياء وحذفها، فمن قال: يا عبادي، فأثبت فقياس قوله أن يقول بنيي. ومن قال: يا عباد، قال يا بني، فحذف الياء التي للإضافة وأبقى الكسرة دالة عليها. وهذا الوجه هو الجيد عندهم.
ومن قرأ: يا بني بالفتح، فالقول فيه: إنه أراد به الإضافة، كما أرادها في قوله يا بني إذا كسر الياء التي هي لام الفعل، كأنه قال: يا بنيي باثبات ياء الإضافة، ثم أبدل من الكسرة الفتحة، ومن الياء الألف، فصار يا بنيا، كما قال الشاعر: (يا بنت عما لا تلومي واهجعي) ثم حذف الألف، كما كان حذف الياء في يا بني، وقد حذفت الياء التي للإضافة إذا أبدلت الألف منها. أنشد أبو الحسن:
فلست بمدرك ما فات مني * بلهف، ولا بليت، ولا لو أني إنما هو بلهفا. قال أبو عثمان: ووضع الألف مكان الياء في الإضافة مطرد، وأجاز يا زيدا أقبل إذا أردت الإضافة، فقال: وعلى هذا قراءة من قرأ: (يا أبت لم تعبد) و (يا قوم لا أسألكم) وأنشد (وهل جزع إن قلت وا أبتاهما) وأما من قرأ:
(ونادى نوح ابنه) فإنه أراد ابنها، كما روي عن عكرمة، والمعنى ابن امرأته، لأنه قد جرى ذكرها في قوله سبحانه: (وأهلك) فحذف الألف تخفيفا كما قلنا في بني بالفتح، ويا أبت. وأما قراءة السدي. (ابناه) فإنه يريد به الندبة، وهو على الحكاية أي قال له: يا إبناه، ووا إبناه! فأما ابنه بالسكون: فعلى ما جاء في نحو قوله (ومطواي مشتاقان له أرقان).
اللغة: الفور: الغليان، وأصله الارتفاع، فار القدر يفور فورا، وفؤورا،