المعصوم. ثم قال. (إلا من رحم) فاستثناه على المعنى، فيكون متصلا.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن إهلاك قوم نوح، فقال: (حتى إذا جاء أمرنا) والمعنى فذلك حاله وحالهم، حتى إذا جاء قضاؤنا بنزول العذاب (وفار التنور) بالماء أي: ارتفع الماء بشدة اندفاع، وفي التنور أقوال أولها أنه تنور الخابزة، وأنه تنور كان لآدم فار الماء منه علامة لنوح عليه السلام إذ نبع الماء من موضع غير معهود خروجه منه، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد. ثم اختلف في ذلك، فقال قوم: إن التنور كان في دار نوح عليه السلام ب (عين وردة) من أرض الشام. وقال قوم: بل كان في ناحية الكوفة، وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام.
وروى المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال: كان التنور في بيت عجوز مؤمنة، في دير قبلة ميمنة مسجد الكوفة، قال قلت: فكيف كان بدء خروج الماء من ذلك التنور؟ قال: نعم إن الله أحب أن يري قوم نوح آية، ثم إن الله سبحانه أرسل عليهم المطر يفيض فيضا، وفاض الفرات فيضا، وفاضت العيون كلها فيضا، فغرقهم الله، وأنجى نوحا ومن معه في السفينة. فقلت: فكم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء فخرجوا منها؟ فقال لبث فيها سبعة أيام بلياليها. فقلت له: إن مسجد الكوفة لقديم! فقال: نعم وهو مصلى الأنبياء، ولقد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أسري به إلى السماء، قال له جبرائيل عليه السلام: يا محمد! هذا مسجد أبيك آدم، ومصلى الأنبياء، فانزل فصل فيه، فنزل فصلى فيه، ثم إن جبرائيل عليه السلام عرج به إلى السماء.
وفي رواية أخرى: إن السفينة استقلت بما فيها، فجرت على ظهر الماء مائة وخمسين يوما بلياليها. وروى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: مسجد كوفان وسطه روضة من رياض الجنة، الصلاة فيه بسبعين صلاة، صلى فيه ألف نبي، وسبعون نبيا، فيه فار التنور، وجرت السفينة، وهو سرة بابل، ومجمع الأنبياء عليهم السلام وثانيها: إن التنور وجه الأرض، عن ابن عباس، والزهري، وعكرمة، واختاره الزجاج، ويؤيده قوله (وفجرنا الأرض عيونا). وثالثها: إن معنى قوله (وفار التنور) طلع الفجر، وظهرت إمارات دخول النهار، وتقضي الليل، من قولهم: نور الصبح تنويرا، وروي ذلك عن علي عليه السلام. ورابعها: إن التنور أعلى الأرض وأشرفها، والمعنى نبع الماء من الأمكنة المرتفعة، فشبهت بالتنانير لعلوها،