من النفاق. ومن قرأ (من أنفسكم) بفتح الفاء: فمعناه من أشرفكم، ومن خياركم، يقال هذا أنفس المتاع أي: أجوده وخياره، واشتقاقه من النفس، وهي أشرف ما في الانسان.
اللغة: العزيز: الشديد. والعزيز في صفات الله تعالى معناه: المنيع القادر الذي لا يتعذر عليه فعل ما يريده. والعزة: امتناع الشئ بما يتعذر معه ما يحاول منه، وهو على ثلاثة أوجه: امتناع الشئ بالقدرة، أو بالقلة، أو بالصعوبة.
والعنت: لقاء الشدة والأذى الذي يضيق به الصدر. وعنت الدابة يعنت عنتا: إذا حدث في قوائمه كسر بعد جبر لا يمكنه معه الجري، فكأنه شق عليه الجري. وأكمة عنوت: شاقة المصعد. وحسبي الله أي: كافي الله، وهو من الحساب لأنه تعالى يعطي بحسب الكفاية التي تغني عن غيره، ويزيد من نعمه ما لا يبلغ إلى حد ونهاية، إذ نعمه دائمة، ومننه متواترة متظاهرة. والتوكل: تفويض الأمر إلى الله على الثقة بحسن تدبيره وكفايته.
الاعراب: (أولا يرون) الواو للعطف، دخلت عليها همزة الاستفهام.
ويحتمل الرؤية أن تكون المتعدية إلى مفعولين، وأن تكون من رؤية العين. فإذا كانت المتعدية إلى المفعولين يسدان مسدهما، وإن كانت من رؤية العين يكون أبلغ. (ما عنتم) ما: مصدرية، وتقديره عزيز عليه عنتكم، فهو في موضع رفع بعزيز. وقوله (لا إله إلا هو): جملة في موضع الحال، وتقديره حسبي الله مستحقا لإخلاص العبادة، والإقرار بالوحدانية. وجر القراء كلهم (العظيم) على أنه صفة العرش، ولو قرئ بالرفع على أن يكون صفة لرب العرش، لجاز.
المعنى: ثم نبه سبحانه على إعراض المنافقين عن النظر والتدبر لما ينبغي أن ينظروا ويتدبروا فيه، فقال (أولا يرون) أي: أولا يعلم هؤلاء المنافقون. وقيل:
معناه أولا يبصرون (أنهم يفتنون) أي: يمتحنون (في كل عام مرة أو مرتين) أي:
دفعة أو دفعتين بالأمراض والأوجاع، وهو رائد الموت (ثم لا يتوبون) أي: لا يرجعون عن كفرهم (ولا هم يذكرون) أي: لا يتذكرون نعم الله عليهم. وقيل:
يمتحنون بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما يرون من نصرة الله رسوله، وما ينال أعداؤه من القتل والسبي، عن ابن عباس، والحسن. وقيل: بالقحط والجوع، عن مجاهد. وقيل: بهتك أستارهم، وما يظهر من خبث سرائرهم، عن مقاتل. وقيل: