خرج أبو طالب لي الشام، وخرج معه النبي صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبط فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم، ولا يلتفت. قال: فهم يحلون رحالهم، فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، يبعثه الله رحمة للعالمين.
فقال له أشياخ من قريش: ما علمك؟
فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة، لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع لهم طعاما، فلما أتاهم به، فكان هو في رعية الإبل.
فقال: أرسلوا إليه، فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما دنا من القوم، وجدهم قد سبقوه إلى فئ الشجرة، فلما جلس مال فئ الشجرة عليه.
فقال: انظروا إلى فئ الشجرة مال عليه.
قال: فبينما هو قائم عليهم، وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فيقتلونه، فالتفت فإذا بسبعة قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم.
فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس، وأنا قد أخبرنا خبره، بعثنا إلى طريقك هذا.
فقال: هل خلفكم أحد هو خير منكم؟ قالوا: إنما أخبرنا خبره بطريقك هذا. قال: أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه، هل يستطيع أحد من الناس رده؟
قالوا: لا. قال: فبايعوه وأقاموا معه.
قال: أنشدكم بالله، أيكم وليه؟ قالوا: أبو طالب، فلم يزل يناشده حتى