فهذه مبالغة شديدة في مدح كتابه، استبعد جدا أن تصدر منه، وهو يعلم أن فيه من الأحاديث ما لا يجوز روايتها لنكارتها وضعفها، إلا مع بيان ذلك كما فعل هو جزاه الله خيرا، ولولا ذلك لكان علة في كتابه تكدر صفوه.
وإن مما يؤسف له أن لا يتنبه بعض المحققين والمعلقين على هذا الكتاب (الجامع) لبطلان هذه الكلمة سندا ومتنا، فقد رأيت الأستاذ الدعاس قد طبعها تحت عنوان الكتاب!
ولئن جاز أن يقال ذلك فيه، وفيه ما عرفت من الأحاديث الواهية باعتراف المؤلف، فماذا يقول القائل في كتاب الشيخين: " الجامع الصحيح " حقا وقد قصدا فيه الصحيح فقط؟!
إن أخشى ما أخشاه، أن يأتي شخص لا يبالي بما نطقت شفتاه فيقول فيه:
".. ففي بيته نبي يتكلم "! فإن قال فيه ما قيل في " جامع الترمذي " فقد رفعه إلى مصاف " الصحيحين " أو ظلمهما، وأحلاهما مر!
ومما لا شك فيه أن مثل هذا الكلام أقل ما يقال فيه: أنه لا خير فيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ".
أخرجه الشيخان والمؤلف (2050) وغيرهم.
وإذا ظهر ما تقدم، فمن الخطأ أيضا إطلاق بعض المتأخرين على الكتب الستة: " الصحاح الستة "، أي الصحيحين والسنن الأربعة، لان أصحاب السنن لم يلتزموا الصحة، ومنهم الترمذي، وهو ما بينه علماء المصطلح كابن الصلاح، وابن كثير، والعراقي وغيرهم، ولهذا قال السيوطي في " ألفيته " (ص 17):