لذوقهم وعصرهم، وإن لم يستذوقوه، تركوه غير مبالين بمخالفتهم لأمره (ص)، ولو فرض أنه للندب!
وإني لأخشى أن يكون رأي المؤلف قريبا من هذا، وإلا فما باله لم يتعرض لبيان حكم الإعفاء مع كثرة النصوص التي تتعلق به كما يأتي بيانه، بينما نراه قد جزم ببيان حكم الختان مع أنه لا نص فيه كما أشار إليه فيما تقدم مع الرد عليه، اللهم إلا تعليقه على قوله (ص): " وفروا اللحى... ":
" حمل الفقهاء هذا الأمر على الوجوب، وقالوا بحرمة حلق اللحية... "، فإنه ليس صريحا في التعبير عن رأيه الشخصي، وبخاصة أنه يعلم أن مخالفة الإعفاء أكثر وأظهر من مخالفة الختان، فإن كثيرا من خاصة العلماء والشيوخ قد ابتلوا بالوقوع فيها، بل وبالتزين والتجمل بها، بل إن بعضهم قد يتجرأ على الافتاء بجواز حلقها، ولا سيما في مصر التي يعيش فيها السيد سابق والأستاذ السمان، فهذا وحده كان كافيا في أن يحمله على بيان حكم هذه المخالفة، ولذلك فإني أهتبل هذه الفرصة لأبين حكم الشرع فيها، وأستحسن أن يكون ذلك بالرد على تلك الفقرة التي نقلتها عن كتاب " الإسلام المصفى " لشديد صلتها بالموضوع، فأقول:
أولا: ذكر أن الأمر بإعفاء اللحية للندب، وقد سمعنا هذا كثيرا من غيره، وإبطالا لهذه الدعوى أقول:
هذا خلاف ما تقرر في " علم الأصول ": أن الأصل في أوامره (ص) الوجوب، لقوله تعالى: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "، وغيره من الأدلة التي لا مجال لذكرها الآن، والخروج عن هذا الأصل لا يجوز إلا بدليل صحيح تقوم به الحجة، وحضرة الكاتب لم يأت بأي دليل يسوغ