ناقضا في نفسه، بل هو مظنة خروج شئ من الإنسان في هذه الحالة، فإنا نقول:
لما كان الأمر كذلك، أمر (ص) كل نائم أن يتوضأ، ولو كان متمكنا، لأنه عليه السلام أخبر أن العينين وكاء السه، فإذا نامت العينان، انطلق الوكاء، كما في حديث آخر، والمتمكن نائم، فقد ينطلق وكاؤه، ولو في بعض الأحوال، كأن يميل يمينا أو يسارا، فاقتضت الحكمة أن يؤمر بالوضوء كل نائم. والله أعلم.
وما اخترناه هو مذهب ابن حزم، وهو الذي مال إليه أبو عبيد القاسم بن سلام في قصة طريفة حكاها عنه ابن عبد البر في " شرح الموطأ " (1 / 117 / 2) قال:
" كنت أفتي أن من نام جالسا لا وضوء عليه حتى قعد إلى جنبي رجل يوم الجمعة، فنام، فخرجت منه ريح! فقلت: قم فتوضأ. فقال: لم أنم. فقلت:
بلى، وقد خرجت منك ريح تنقض الوضوء! فجعل يحلف بالله ما كان ذلك منه، وقال لي: بل منك خرجت! فزايلت ما كنت أعتقد في نوم الجالس، وراعيت غلبة النوم ومخالطته القلب ".
(فائدة هامة): قال الخطابي في " غريب الحديث " (ق 32 / 2):
" وحقيقة النوم هو الغشية الثقيلة التي تهجم على القلب فتقطعه عن معرفة الأمور الظاهرة. و (الناعس): هو الذي رهقه ثقل فقطعه عن معرفة الأحوال الباطنة ".
وبمعرفة هذه الحقيقة من الفرق بين النوم والنعاس تزول إشكالات كثيرة، ويتأكد القول بأن النوم ناقض مطلقا. ولقد أنحرف قلم الشوكاني عن الصواب هنا في " السيل الجرار "، فإنه بعد أن قرر وجه القول المذكور أحسن تقرير، عقب عليه بقوله (1 / 96):