صحيحة والأخرى ضعيفة، وإنما هو التقليد وعدم الرجوع إلى الأصول.
(تنبيه): هذا الحديث اقتصر المؤلف على إيراده ههنا في " الجمعة "، وكان يلزمه أن يورده أيضا في " الجماعة "، لأن لفظ " النداء " يشملهما معا، وعليه نقول:
والحديث كما يدل على وجوب الجمعة وأنه لا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، فكذلك هو يدل على وجوب حضور صلاة الجماعة، وأنه لا يجوز تركها إلا لعذر، فهو حجة على المؤلف حيث ذكر هناك أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة، ووجه ذلك أن الحديث صريح أنه لا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، وليس هذا شأن السنة، فإنه يجوز تركها بدون عذر البتة، اكتفاء بالقيام بالفرائض فقط، كما يدل على ذلك إقرار النبي (ص) للأعرابي على قوله: " والله لا أزيد عليهن ولا أنقص ".
وقوله: " أفلح الرجل إن صدق "، أو: " دخل الجنة إن صدق "، فثبت من ذلك أن صلاة الجماعة واجبة لا يجوز تركها إلا لعذر، وهو الحق كما سبق بيانه هناك.
وأما تأويل بعض العلماء لقوله في الحديث: " فلا صلاة له "، أي: كاملة، فإن أرادوا بذلك نفي الوجوب كما هو الظاهر فهو باطل من وجهين:
الأول: قوله عقبه: " إلا من عذر "، فإن هذا لا يقال في غير الواجب كما سبق بيانه.
الثاني: أن هذا التأويل غير معروف في الشرع كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولا بأس من أن أنقل كلامه مختصرا لأهميته، قال رحمه الله في " القواعد النورانية " (ص 26):
" وأما ما يقوله الناس: إن هذا نفي للكمال. كقوله: " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " (قلت: هذا ليس له إسناد ثابت). فيقال له: نعم هو لنفي