ثم قال: " وعن أبي قتادة: أنه كان له جمة ضخمة، فسأل النبي (ص)؟
فأمره أن يحسن إليها، وأن يترجل كل يوم. رواه النسائي، ورواه مالك في " الموطأ " بلفظ: قلت: إن لي جمة، فأرجلها؟ قال: (نعم وأكرمها). فكان أبو قتادة ربما دهنها في اليوم مرتين من أجل قوله (ص): (وأكرمها) ".
فأقول: هذا الحديث لا يصح عن أبي قتادة لانقطاع إسناده، واضطراب متنه.
أما الانقطاع فهو أن النسائي رواه في " سننه " (2 / 292) من طريق عمر بن علي بن مقدم قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن أبي قتادة...
وهذا إسناد ظاهره الصحة، فإن رجاله ثقات رجال الشيخين، لكن له علة خفية، وهي أن ابن مقدم هذا مع كونه ثقة فقد كان يدلس تدليسا غريبا، بينه ابن سعد بقوله:
" كان ثقة، وكان يدلس تدليسا شديدا، يقول: " سمعت " و " حدثنا "، ثم يسكت، فيقول: هشام بن عروة والأعمش.. ".
ولذلك قال الحافظ في " مقدمة الفتح " (ص 431):
" وعابوه بكثرة التدليس، ولم أر له في " الصحيح " إلا ما توبع عليه ".
ولم يوثقه في " التقريب "، فإنه اقتصر على قوله فيه:
" وكان يدلس شديدا ".
فمثله لا يحتج به ولو صرح بالتحديث، إلا إذا توبع، فكيف إذا خولف؟!
فقد قال مالك في روايته (3 / 624):