وفى رواية له: " نهى رسول الله (ص) عن نتف الشيب، وقال: هو نور ".
فهذا يدل على أن ذكر الخضاب في الحديث لا أصل له، وتد قال الحافظ في " الفتح " بعد أن ساق الحديث باللفظ الأول:
" أخرجه الترمذي وحسنه، ولم أر في شئ من طرقه الاستثناء المذكور ".
قلت: ويستدرك عليه برواية أحمد التي فيها ذكر النتف.
وثمة حديث ثالث ممكن أن يؤخذ حكم الخضاب من لفظه المطلق، وهو:
عن أم سليم مرفوعا:
" من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا ما لم يغيرها ".
رواه الحاكم في " الكنى " كما في " الجامع الصغير "، ورمز لحسنه كما قال المناوي في شرحه، ولكن النفس لا تطمئن لتحسين السيوطي له لما عرف من تساهله، فراجع " المقدمة: القاعدة الثامنة ".
ثم وقفت على سند الحديث، وتبين لي أنني كنت على صواب في عدم الاعتماد على تحسينه، وقد كشفت عن علته في " الصحيحة " تحت الحديث (1244)، وحكمت بوضعه، فأوردته في " ضعيف الجامع الصغير " (5651)، وهو كتاب حافل بالأحاديث الضعيفة والموضوعة لا مثيل له. والله الموفق.
وخلاصة القول، أنه لا يجوز معارضة. الأحاديث الصحيحة المتضمنة لجواز الخضاب واستحبابه بهذه الأحاديث الضعيفة، ولو صح شئ منها لوجب التوفيق بينها بوجه من وجوه الجمع بين الأحاديث وما أكثرها، والوجه هنا أن يقال: إن التغيير المذكور في الحديث الأول والثالث هو النتف، وهو منهي عنه صراحة في رواية أحمد للحديث الثاني. أو هو الخضب بالسواد، فإنه نهى عنه. وبهذا شرح