ومما سبق يتبين أن جعل التمولب في الأذان الثاني بدعة مخالفة للسنة، وتزداد المخالفة حين يعرضون عن الأذان الأول بالكلية، ويصرون على التثويب في الثاني، فما أحراهم بقوله تعالى: * (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) *، * (لو كانوا يعلمون) *.
(فائدة): قال الطحاوي بعد أن ذكر حديث أبي محذورة وابن عمر المتقدمين الصريحين في التثوب في الأذان الأول:
" وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى ".
قوله في أذان الفجر: " يشرع تقديمه على أول الوقت إذا أمكن التمييز بين الأذان الأول والثاني حتى لا يقع الاشتباه ".
قلت: ذلك ممكن بيسر إذا التزمت السنة التي ميزت الأذان الأول بزيادة جملة: " الصلاة خير من النوم (مرتين) " كما تقدم.
على أن هناك سنة أخرى تزيد الأمر يسرا، وير أن يكون مؤذن الأذان الأول غير مؤذن الأذان الثاني كما في حديث ابن عمر الذي ذكره المؤلف، أخرجه الشيخان، وله شواهد كثيرة، خرجتها في " الإرواء " (219)، وهي سنة متروكة أيضا، فهنيئا لمن وفقه الله تبارك وتعالى لإحيائها.
قوله: " وروى الطحاوي والنسائي أنه لم يكن بين أذانه (يعني ابن عمر) وأذان ابن أم مكتوم إلا أن يرقى هذا وينزل هذا ".
قلت: لقد أبعد النجعة، وأخل بفن التخريج، فان هذه الرواية قد جاءت في " الصحيحين " في حديث ابن عمر المشار إليه آنفا من حديث نافع عنه. انظر " الإرواء " (1 / 236).