قوله (ص): " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول... ". وتخصيصه بمثل هذا الحديث لا يجوز، لأنه حديث واه، وقد ضعفه النووي والعسقلاني وغيرهم، ولا يغتر بقول صاحب " التاج الجامع للأصول ": " سنده صالح "، لأنه اغتر بسكوت أبي داود عليه، وقد بينا قيمة سكوت أبي داود على الحديث في " المقدمة "، فراجعها، وقد بينت ما في سنده من العلل في " ضعيف أبي داود " (83)، ثم في " الإرواء " (241).
وبهذه المناسبة أقول: إن كتاب " التاج " هذا ملئ جدا بالأخطاء العلمية، وقد كنت نقدت الجز الأول منه منذ أكثر من عشر سنين من تأليف هذا الكتاب، ومسودته موجودة عندي، ولو تسنى لنا نشره لفعلنا نصحا للأمة.
قوله فيما يستحب للمؤذن: " 4 - أن يلتفت برأسه وعنقه وصدره يمينا.. ".
قلت: أما تحويل الصدر فلا أصل له في السنة البتة، ولا ذكر له في شئ من الأحاديث الواردة في تحويل العنق، ولعله سبق قلم من المؤلف وإن كان استمر عليه في كل طبعات الكتاب، ويؤيد هذا الاحتمال قوله عقبه:
" قال النووي في هذه الكيفية: هي أصح الكيفيات. قال أبو جحيفة.. ".
فإن النووي قال في " المجموع " (3 / 104) بعد حديث الشيخين عن أبي جحيفة الذي ذكره المؤلف، وفيه: " فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا، يمينا وشمالا ".
وفي رواية أبي داود: " فلما بلغ (جي على الصلاة حي على الفلاح) لوى عنقه يمينا وشمالا، ولم يستدر "، وإسناده صحيح.