ذلك منه عن علم ومعرفة بهذا العلم الشريف.
ويؤكد لك ذلك ما سأذكره فيما يأتي في الرد على علته الثانية، وهي:
العلة الأخرى عنده: الهيثم بن عمران العبسي. لقد سود صاحبنا حولها عشر صفحات دون فائدة تذكر، واستطرد أحيانا - كعادته في " جزئه " - في ذكر أمور لا علاقة لها بالعلة المزعومة. وخلاصة كلامه فيها، أن الهيثم هذا روى عنه خمسة، فهو مجهول الحال عنده، وجل ما أورده أخذه من بعض مؤلفاتي. ثم ذكر كلام الحافظ في " اللسان " في نقد مسلك ابن حبان في توثيق الراوي ولو لم يرو عنه إلا واحد. ثم نقل عني مثل ذلك من مواضع من كتبي. وهذا حق، ولكنه لم يستطع لحداثة عهده بهذا العلم أن يفرق بين هذا المسلك المنتقد، وبين ما سلكته في تقوية حديث الهيثم هذا لرواية الثقات الخمسة عنه. وقدم للقراء مثلا ليبين لهم تناقضي - بزعمه - في هذا المجال حديث معاذ في القضاء، وأني حكمت بنكارته بأمور، منها جهالة الحارث بن عمرو مع توثيق ابن حبان إياه. فهو يتوهم أن كل من وثقه ابن حبان، فهو مجهول، إما عينا، وإما حالا. وهنا يكمن خلطه وخطؤه الذي حمله على القول (ص 56) بأنني جارقي ابن حبان في مسلكه المذكور.
والآن أقدم الشواهد الدالة على صواب مسلكي، وخطئه فيما رماني به من أقوال أهل العلم.
1 - قال الذهبي في ترجمة مالك بن الخير الزيادي:
" محله الصدق... روى عنه حياة بن شريح، وابن وهب، وزيد بن الحباب، ورشدين. قال ابن القطان: هو ممن لم تثبت عدالته... يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة... والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة، ولم يأت بما ينكر عليه، أن حديثه صحيح ".