الحبير " (2 / 292 و 295)، و " بلوغ المرام ".
ومن هذا يتبين أن احتجاج المؤلف بالحديث هنا متجه، بخلاف احتجاجه به في " المسح على الجبيرة "، ويأتي زيادة بيان هناك.
قوله: " (و) إذا كان قادرا على استعمال الماء، لكنه خشي خروج الوقت باستعماله في الوضوء أو الغسل فإنه يتيمم ويصلي ولا إعادة عليه ".
قلت: والذي يتبين لي خلافه، ذلك لأنه من الثابت في الشريعة أن التيمم إنما يشرع عند عدم وجود الماء بنص القرآن الكريم، وتوسعت في ذلك السنة المطهرة فأجازته لمرض أو برد شديد كما ذكره المؤلف، فأين الدليل على جوازه مع قدرته على استعمال الماء؟ فإن قيل: هو خشية خروج الوقت. قلت: هذا وحده لا يصلح دليلا، لأن هذا الذي خشي خروج الوقت له حالتان لا ثالث لهما: إما أن يكون ضاق عليه الوقت بكسبه وتكاسله، أو بسبب لا يملكه مثل النوم والنسيان، ففي هذه الحالة الثانية فالوقت يبتدئ من حين الاستيقاظ أو التذكر بقدر ما يتمكن من أداء الصلاة فيه كما أمر، بدليل قوله في: " من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ". أخرجه الشيخان وغيرهما واللفظ لمسلم، فقد جعل الشارع الحكيم لهذا المعذور وقتا خاصا به، فهو إذا صلى كما أمر، يستعمل الماء لغسله أو وضوئه، فليس يخشى عليه خروج الوقت، فثبت أنه لا يجوز له أن يتيمم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في " الاختيارات " (ص 12)، وذكر في " المسائل الماردينية " (ص 65) أنه مذهب الجمهور.
وأما في الحالة الأول، فمن المسلم أنه في الأصل مأمور باستعمال الماء، وأنه لا يتيمم، فكذلك يجب عليه في هذه الحالة أن يستعمل الماء، فإن أدرك الصلاة فبها، وإن فاتته فلا يلزمن إلا نفسه، لأنه هو الذي سعى إلى هذه النتيجة.