ومن (ما لا ينقض الوضوء) قوله في صدد عد ما لا ينقضه: " أكل لحم الإبل، وهو رأي الخلفاء الأربعة وكثير من الصحابة والتابعين، إلا أنه صح الحديث بالأمر بالوضوء منه ". ثم ذكره من حديث جابر بن سمرة والبراء بن عازب، ثم قال:
" وقال ابن خزيمة: لم أر خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل، لعدالة ناقليه. وقال النووي: هذا المذهب أقوى دليلا، وإن كان الجمهور على خلافه. انتهى. إلا أنه يقال: كيف خفي حديث جابر والبراء على الخلفاء الراشدين والجمهور الأعظم من الصحابة والتابعين "!
قلت: هذا الاستفهام لا طائل تحته بعد أن صح الحديث عنه (ص) باعتراف المؤلف، فلا يجوز تركه مهما كان المخالفون له في العدد والمنزلة، فإن حديث رسول الله (ص) إنما " يثبت بنفسه لا بعمل غيره من بعده " كما قال الإمام الشافعي على ما سبق في " المقدمة: القاعدة 14 ".
وإني لأستغرب جدا من المؤلف هذا القول، لأنه لا يتفق في شئ مع الغرض الذي من أجله وضع كتابه هذا، وهو " جمع المسلمين على الكتاب والسنة، والقضاء على الخلاف وبدعة التعصب للمذاهب "، كما نص هو عليه في " المقدمة "، بل إن قوله هذا تأييد عملي للمقلدة الذين يردون أحاديث الرسول (ص) بمثل هذه الدعوى في أئمتهم! (1).