أخرجه أصحاب السنن وغيرهم، وهو مخرج في " الإرواء " (305)، فليس الحديث من رواية أبي حميد وابن الحويرث فقط كما يوهمه الكلام المذكور عن ابن القيم، وإنما معهما عشرة آخرون من أصحاب رسول الله (ص) الذين شاهدوا صلاته (ص)، وقليل من السنن يتفق على روايتها مثل هذا الجمع الغفير من الصحابة رضي الله عنهم.
وإذ الأمر كذلك، فيجب الاهتمام بهذه الجلسة، والمواظبة عليها رجالا ونساء، وعدم الالتفات إلى من يدعي أنه (ص) فعلها لمرض أوسن، لأن ذلك يعني أن الصخابة ما كانوا يفرقون بين ما يفعله (ص) تعبدا، وما يفعله لحاجة، وهذا باطل بداهة.
قوله عن الإمام ابن القيم: " ولو كان هديه (ص) فعلها دائما لذكرها كل واصف لصلاته ".
قلت: هذا الكلام غريب جدا من مثل هذا الإمام، فإن لازمه التهوين من شأن السنن كلها، لأنه ليس فيها سنة يمكن أن يقال: " اتفق على ذكرها كل واصف لصلاته "، يعلم ذلك من له عناية خاصة بتتبع السنن وطرقها، ولا أدري - والله - كيف ينقل المؤلف هذا الكلام ويمر عليه دون أن يعلق عليه بشئ يدل على ما فيه من الخطأ مما يدل على ارتضائه له وموافقته عليه، فانظر ما يلزمه من توهين السنن التي ساقها المؤلف في كتابه، فإن وضع اليمين على الشمال مثلا، ودعاء التوجه، والاستعاذة والتأمين، والقراءة، والذكر في الركوع، والذكر في السجود، والصلاة على النبي (ص)، كل هذه السنن التي لم يذكرها أبو حميد ومن معه من الصحابة في صحة صلاته (ص)، وكذلك لم يذكرها غيرهم، أفيلزم من ذلك رد هذه السنن؟!
اللهم لا، ولذلك رد الحافظ قول ابن القيم هذا بقوله في " الفتح ":