ثم إن الحديث لو صح فليس فيه التصريح بالجهر بها، ولا برفعها إلى النبي (ص)، وقول أبي هريرة في آخره: " إني لأشبهكم صلاة برسول الله (ص) "، لا يلزم منه رفع كل ما فعله أبو هريرة فيه كما فصل ذلك شيخ الإسلام في " الفتاوى " (1 / 81)، فراجعه.
والحق أنه ليس في الجهر بالبسملة حديث صريح صحيح، بل صح عنه (ص) الإسرار بها من حديث أنس، وقد وقفت له على عشرة طرق ذكرتها في تخريج كتابي " صفة صلاة النبي (ص) "، أكثرها صحيحة الأسانيد، وفي بعض ألفاظها التصريح بأنه (ص) لم يكن يجهر بها، وسندها صحيح على شرط مسلم، وهو مذهب جمهور الفقهاء، وأكثر أصحاب الحديث، وهو الحق الذي لا ريب فيه، ومن شاء التوسع في هذا البحث فليراجع " فتاوى شيخ الإسلام "، ففيها مقنع لكل عاقل منصف.
قوله تحت عنوان: من لم يحسن فرض القراءة: " حديث رفاعة بن رافع أن النبي (ص) علم رجلا الصلاة، فقال: " إن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمده وكبره وهلله، ثم اركع ". رواه أبو داود والترمذي وحسنه ".
قلت: هذا طرف من حديث المسئ صلاته من رواية رفاعة رضي الله عنه، وروايته لمن ذكرهم المؤلف، وتحسين الترمذي إياه دون ما يستحق إسناده، فإنه صحيح لا غبار عليه كما كنت نبهت على ذلك في " صحيح أبي داود " (807).
ثم هو شاهد قوي لحديث ابن أبي أوفى قال:
" جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئا من القرآن، فعلمني ما يجزئني. فقال: قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ".