ومن (الأذان) قوله: " وهو واجب أو مندوب ".
قلت: لعل المؤلف حفظه الله تعالى لم تتح له الفرصة ليحقق القول، ويبين الحق من القولين، وإلا فإن القول بأن الأذان مندوب لا نشك مطلقا في بطلانه، كيف وهو من أكبر الشعائر الإسلامية التي كان عليه الصلاة والسلام إذا لم يسمعه في أرض قوم أتاهم ليغزوهم وأغار عليهم، فإن سمعه فيهم كف عنهم كما ثبت في " الصحيحين " وغيرهما، وقد ثبت الأمر به في غير ما حديث صحيح، والوجوب يثبت بأقل من هذا، فالحق أن الأذان فرض على الكفاية، وهو الذي صححه شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (1 / 67 - 68 و 4 / 20)، بل وعلى المنفرد كما يأتي.
وسنذكر دليلا آخر على الوجوب في بحث " صلاة الجماعة "، وقد ذكره الشوكاني في " السيل الجرار " (1 / 196 - 197) مع أحاديث أخرى، وختم ذلك بقوله:
" والحاصل أنه ما ينبغي في مثل هذه العبادة العظيمة أن يتردد متردد في وجوبها، فإنها أشهر من نار على علم، وأدلتها هي الشمس المنيرة، ثم هذا الشعار لا يختص بصلاة الجماعة، بل لكل مصل عليه أن يؤذن ويقيم، لكن من كان في جماعة كفاه أذان المؤذن لها وإقامته. ثم الظاهر أن النساء كالرجال، لأنهن شقائق الرجال، والأمر لهم أمر لهن، ولم يرد ما ينتهض للحجة في عدم الوجوب عليهن، فإن الوارد في ذلك في أسانيده متر وكان لا يحل الاحتجاج بهم، فإن ورد دليل يصلح لإخراجهن فذاك، وإلا فهن كالرجال ".