ومن الغرائب أن ينكر حضرة المؤلف ما جاء به النص، وهو كون الحج من سبيل الله، ثم هو يسلم بما نقله بعد هذا عن السيد رشيد في " المنار ": أن من سبيل الله بناء المستشفيات الخيرية العامة، وإعداد الدعاة إلى الإسلام... والنفقة على المدارس الشرعية، وغيرها... إلخ. مع أن تفسير الآية بهذا المعنى الواسع الشامل لجميع الأعمال الخيرية مما لم ينقل عن أحد من السلف فيما علمت، وإن كان جنح إليه صديق حسن خان في " الروضة الندية "، فهو مردود عليه، ولو كان الأمر كما زعم، لما كان هناك فائدة كبرى في حصر الزكاة في المصارف الثمانية في الآية الكريمة، ولكان يمكن أن يدخل في (سبيل الله) كل أمر خيري مثل بناء المساجد ونحوها، ولا قائل بذلك من المسلمين، بل قال أبو عبيد في " الأموال " فقرة (1979):
" فأما قضاء الدين عن الميت، والعطية في كفنه، وبنيان المساجد، واحتفار الأنهار، وما أشبه ذلك من أنواع البر، فإن سفيان وأهل العراق وغيرهم من العلماء مجمعون على أن ذلك لا يجزي من الزكاة، لأنه ليس من الأصناف الثمانية ".
وسيذكر المؤلف نحو هذا فيما يأتي.
قوله تحت عنوان: من الذي يقوم بتوزيع الزكاة؟: " كان رسول الله (ص) يبعث نوابه يجمعوا الصدقات ويوزعها على المستحقين، وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك، لا فرق بين الأموال الظاهرة والباطنة، فلما جاء عثمان سار على هذا النهج زمنا، إلا أنه لما رأى كثرة الأموال الباطنة، ووجد أن في تتبعها حرجا على الأمة، وفي تفتيشها ضررا بأربابها، فوض أداء زكاتها إلى أصحاب الأموال ".
قلت: فيه ملاحظات: