ينفي ثبوت مسحه (ص) على الجوربين والنعلين، فإذا روى هذا عن المغيرة ثقة، وجب الأخذ به لعدم منافاته لما رواه غيره عن المغيرة من المسح على الخفين، والواقع أن رواة هذا الحديث كلهم رواة ثقات، وإسناده صحيح على شرط البخاري، وقد قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في " الإمام ":
" ومن يصححه يعتمد بعد تعديل أبي قيس (راويه عن هذيل) على كونه ليس مخالفا لرواية الجمهور مخالفة معارضة، بل هو أمر زائد على ما رووه، ولا يعارضه، ولا سيما أنه طريق مستقل برواية هذيل عن المغيرة لم يشارك المشهورات في سندها ".
وهذا هو تحقيق القول في الحديث حسبما تقتضيه قواعد علم الحديث، فلا تغتر بما ينقل عن بعض العلماء من تضيفه، فإنه مبني على علة غير قادحة كما بينا، ومن شاء. زيادة في التحقيق فليراجع تحقيق الأستاذ أحمد محمد شاكر على " سنن الترمذي " (2 / 167 - 168)، و " الإروا " (101)، و " صحيح أبي داود " (147 و 148).
قوله أيضا عقب الحديث السابق: " والمسح على الجوربين كان هو المقصود، وجاء المسح على النعلين تبعا ".
قلت: قد يوهم هذا الكلام أن المسح على النعلين غير جائز، ودفعا لذلك أقول:
قد صح عنه (ص) المسح على النعلين استقلالا، دون ذكر الجوربين من حديث علي بن أبي طالب، وأوس بن أبي أوس الثقفي، وابن عمر، وصححه ابن القطان كما في " شرح علوم الحديث " للعراقي (ص 12)، وقد تكلمت على أسانيدها في " صحيح سنن أبي داود " (رقم 150 و 156).