قال: وقال بعضهم: إذا قطع يساره فسرى إلى نفسه كان كالمستوفي ليمينه قصاصا فسقط حقه منها، ويكون عليه كمال الدية، كمن وجب له قطع يد رجل فقطعها ثم عاد فقتله (1).
بقي الكلام في أن المصنف فصل المسألة بعلم المجني عليه بأن المبذول هو اليسار وجهله، كما في الشرائع (2) والمهذب (3).
وفصلت في المبسوط بعلم الباذل وجهله من غير فرق بين علم القاطع وجهله، فذكر فيه: أنه إذا سمع الجاني من المجني عليه " أخرج يمينك " فأخرج يساره مع العلم بأنها يساره، وبأن القود لا يسقط عن يمينه بقطع يساره، فلا ضمان على المجني عليه من قود ولا دية، لأنه بذل يده للقطع عمدا بغير عوض، وهل على القاطع التعزير؟ فإن كان جاهلا بأنها يساره فلا تعزير، لأنه لم يقصد قطعها بغير حق، وإن قطعها مع العلم بحاله فعليه التعزير، لأنه قطع يدا عمدا بغير حق، وليس إذا سقط حق الآدمي بالترك سقط حق الله تعالى، كما لو قال له: اقتل عبدي، فقتله، سقط عنه الضمان الذي هو للسيد، ولم يسقط حق الله من الكفارة. قال: وإذا ثبت أن يساره ذهبت هدرا فالقود باق في يمينه، لأنه وجب عليه حق فبذل غيره لا على سبيل العوض، فلم يسقط عنه الحق، كما لو وجب عليه قطع يمينه، فأهدى إلى المجني عليه مالا وثيابا لا على سبيل العوض عن اليمين، فقبل ذلك المجني عليه لم يسقط القصاص به عن اليمين.
قال: والذي يقتضيه مذهبنا أنه يسقط عنه القود، لأ نا قد بينا فيما تقدم أن اليسار يقطع باليمين إذا لم يكن يمين، وما ذكروه قوي (4).
ثم ذكر: أن الجاني إن أخل بشرط من الشروط الثلاثة، فقال: ما سمعت منه " أخرج يمينك " بل أخرج يسارك أو قال: سمعته ولكن اشتبهت علي فأخرجت