(ولو قال المجني عليه: بذلها عالما) بأنها يسراه فأباح قطعها مجانا (لا بدلا) عن اليمنى أي لا زاعما أنها تكون قصاصا عن اليمنى، وقال الباذل: بل بذلتها لزعمي أنها تكون قصاصا عنها (قدم قول الباذل مع يمينه، لأنه أعرف بنيته) والأصل ثبوت العوض لقطع العضو المحترم فإن حلف أخذ الدية، وإن نكل حلف الآخر إن احتيج إلى الرد وذهبت هدرا، كما في المبسوط (1). وفيه: نظر.
(ولو اتفقا على بذلها بدلا) عن اليمنى (لم يصر بدلا، وعلى القاطع الدية) أو القصاص كما عرفت (و) بقي (له قصاص اليمنى على إشكال) في الجميع، فإن الإشكال في بقاء القصاص له يستلزمه في لزوم الدية لليسار أو القصاص عنها وفي صيرورتها بدلا عن اليمنى ومنشؤه: من أن الأصل أن لا يقتص عن اليمين إلا اليمين إذا كانت، ولا دليل على البدلية إلا مع الفقد، والتراضي بها معاوضة فاسدة. ومن ثبوت قطع كل منهما قصاصا عن الأخرى في الجملة، مع أن رضا المجني عليه بذلك في قوة العفو عن القصاص، هذا إذا ادعى أنه قطعها بدلا بزعم الإجزاء أو لا بزعمه، أما لو قال: إنما استحب قطعه بإباحته لا بدلا فيضعف سقوط القصاص. والشيخ أيضا متردد في ذلك، وذكر أن من أسقط القصاص قال له دية يمينه، وعليه دية يسار الباذل، فإن تساوت الديتان تقاصا وإلا كان دية أحدهما رجلا والآخر امرأة تقاصا فيما اتفقا فيه ورجع صاحب الفضل بالفضل (2).
وأن من أثبت القصاص خير بينه وبين العفو على الدية، وهو ظاهر، فإن عفا أخذ دية اليمين وعليه دية يسار الباذل، وإن أراد القصاص صبر إلى أن يندمل يسار الباذل أو يسري إلى نفسه، فإن اندمل اقتص، وإن سرى فعليه ضمان النفس دية، ويدخل فيها دية الطرف، وله من هذه النفس قطع يمينها، وقد فاتت بغير اختياره فيكون له ديتها، وعليه دية النفس فيتقاصان بالنصف، ويفضل له النصف،