ثم البيان إلى المولى دون المخاطب بالمشيئة لان ما فوض إليه قد انتهي بوجود المشيئة منه بقي العتق واقعا على أحدهم بغير عينه بايقاع المولى فالبيان إليه ولو قال أيكم دخل الدار فهو حر فدخلوا عتقوا لان الشرط دخول من دخل تحت كلمة أي وكذلك لو قال أيكم بشرني بكذا فهو حر فبشروه معا عتقوا لان الشرط وجود البشارة ممن دخل تحت كلمة أي فيتعمم بتعميمه وان قال عنيت واحدا منهم لم يدين في القضاء وهو مدين فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام وان بشره واحد بعد واحد فالأول هو البشير ولا يعتق غيره وقد بينا هذا في كتاب الطلاق أن البشارة اسم لخبر سار صدق غاب عن المخبر علمه وإذا قال لآخر أخبر عبدي بعتقه أو انه جر أو بشره بعتقه فهو حر ساعة تكلم به المولى أخبر العبد به أولم يخبر لان الباء للالصاق وإنما يتحقق الصاق الاخبار بعتق موجود منه لا معدوم ولأنه لو أخبره بنفسه بأن قال أنت حر تضمن ذلك تنجيز العتق من جهته حتى يكون خبره حقا فكذلك أن أمر غيره حتى يخبره به ويصير كأنه قال أعتقته فبشره بذلك أو أخبره فيعتق سواء أخبره أولم يخبره وإذا قال لعبد له يا سالم أنت حر وهو يعني انسانا بين يديه غير سالم فان سالم حر لأنه اتبع الايقاع النداء فإنما يتناول المنادى وإذا قال أول عبد يدخل علي من عبيدي فهو حر فأدخل عليه عبد ميت ثم أدخل عليه عبد حي فإنه يعتق الحي قال لأنه هو الأول ولا يحتسب بالميت ولا يكون الميت أولا وآخرا ومعني هذا أن الادخال عليه للاكرام أو الإهانة ولا يتحقق ذلك في الميت فيصير الحياة ثابتا بمقتضى كلامه وكأنه قال أول عبد حي من عبيدي ولأنه جازاه بالحرية وإنما يجازي به الحي دون الميت لان الميت ليس بمحل لايجاب العتق فيه والثابت بمقتضى الكلام كالثابت بالنص وان أدخل عليه عبدان حيان جميعا معالم يعتق واحد منهما لان الأول اسم لفرد سابق لا يشاركه فيه غيره ولم يتصف واحد منهما بالفردية عند الادخال عليه فان أدخل بعدهما عبد آخر لم يعتق لأنه وان اتصف بالفردية فلم يتصف بالسبق فقد تقدمه عبدان ولو قال أول عبد أملكه فهو حر فملك عبدين معا لم يعتق واحد منهما لأنه لم يتصف واحد منهما بالفردية عند دخوله في ملكه وان ملك بعدهما آخر لم يعتق أيضا لأنه لم يتصف بالسبق ولو قال آخر عبد أملكه فهو حر فملك عبدين ثم عبدا ثم مات المولى عتق الثالث لان الآخر اسم لفرد متأخر وقد اتصف به الثالث حين لم يملك غيره حتى مات ثم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يعتق
(١٠٠)