المرتبة الأولى: انفراد الجاني بالتسبيب المتلف.
وفيه صور:
الأولى: لو رماه بسهم فقتله، قتل به، لأنه مما يقصد به القتل غالبا. وكذا لو رماه بحجر المنجنيق (6). وكذا لو خنقه بحبل، ولم يرخ عنه حتى مات، أو أرسله منقطع النفس أو ضمنا حتى مات. أما لو حبس نفسه يسيرا، لا يقتل مثله غالبا ثم أرسله فمات، ففي القصاص تردد. والأشبه القصاص أن قصد القتل، والدية إن لم يقصد أو اشتبه القصد.
الثانية: إذا ضربه بعصا، مكررا ما لا يحتمله مثله بالنسبة إلى بدنه وزمانه (7)، فمات فهو عمد. ولو ضربه دون ذلك، فأعقبه مرضا ومات، فالبحث كالأول. ومثله لو حبسه، ومنعه الطعام والشراب، فإن كان مدة لا يحتمل مثله البقاء فيها فمات، فهو عمد.
الثالثة: لو طرحه في النار فمات، قتل به، ولو كان قادرا على الخروج، لأنه قد يشده (8)، ولأن النار قد تشنج الأعصاب بالملاقاة، فلا يتيسر له الفرار. أما لو علم أنه ترك الخروج تخاذلا، فلا قود، لأنه أعان على نفسه. وينقدح أنه لا دية له أيضا، لأنه مستقل بإتلاف نفسه. ولا كذا لو خرج، فترك المداواة فمات، لأن السراية مع ترك المداواة، من الجرح المضمون (9). والتلف من النار ليس بمجرد الإلقاء، بل بالإحراق المتجدد، الذي لولا المكث لما حصل. وكذا البحث لو طرحه في اللجة. ولو فصده (10) فترك شده، أو ألقاه في ماء فأمسك نفسه تحته، مع القدرة على الخروج، فلا قصاص ولا دية.