لم يقع القصاص موقعه.
فإذا تقرر هذا فلا قود على المقتص في اليسار، لأنه بذلها على سبيل العوض، فإذا لم يسلم ما في مقابلها رجع إلى بدلها كما قلنا في المبيع والثمن.
قال: فإذا ثبت أن على المقتص دية يساره فهل له قطع يمين الباذل أم لا؟ قال بعضهم: ليس له قطعها، لأن رضا المقتص بقطع اليسار مكان اليمين، عفو منه عن اليمين فلهذا سقط القصاص عنها. وقال آخرون: لا يسقط، وله قطع اليمين، لأنه أخذ اليسار بدلا عن اليمين، فإذا لم يصح أخذها عن اليمين واليمين قائمة، فله الرجوع إلى عين ماله، كرجل باع عبدا بثمن معين فتلف الثمن قبل القبض، رجع سيد العبد إلى عين ماله (1). ثم ذكر ما قدمناه عنه: من أن من أسقط قطع يمينه قصاصا أوجب الدية. وتحصيل (2) الكلام في المقام: أن الجاني إما أن يتعمد بذل اليسار ليكون قصاصا عن اليمين أو لا يتعمده، وعلى كل فالمقتص إما عالم ببذله اليسار أو غافل عنه، وعلى العلم فإما أن يقطعها ليكون قصاصا عن اليمين أو لا، وعلى كل فإما أن يعلم حرمة قطعها عليه أو لا، والكلام في مقامات ثلاثة: سقوط قصاص اليمين، ولزوم العوض لليسار من قصاص أو دية، ولزوم التعزير. أما التعزير فإنما يلزم عند العلم بالحرمة. وأما قصاص اليمين فأحد الأوجه سقوطه مطلقا، لثبوت قصاص اليسار عن اليمين في الجملة، والثاني ثبوته مطلقا، كما يظهر من المهذب (3) لأنه أثبته مع جهل المقتص وعلمه وأطلق وذلك لأن الأصل في القصاص عن اليمين ولا ينتقل إلى اليسار إلا مع فقد اليمين، والثالث سقوطه إن قطع اليسار ليكون قصاصا، لأنه بمنزلة عفوه عن اليمين. وأما عوض اليسار من دية أو قصاص فيسقط إن سقط القصاص عن اليمين، إلا إذا قلنا بأنه إذا سقط القصاص عنه فالدية له ثابتة - كما سمعته من المبسوط - فإنه يلزمه دية اليسار وله