العلة الثالثة وهي إنكار كون بن مسعود شهد ليلة الجن فقد اختلف في ذلك لاختلاف ما ورد في ذلك فما ورد انه لم يشهد ما رواه مسلم من حديث الشعبي عن علقمة قال سألت بن مسعود هل شهد منكم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا استطير أو اغتيل قال فبتنا ليلة بشر ليلة بات بها قوم فلما أصبحنا إذا هو جائي من قبل حراء فقلت يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة فقال أتاني داعي الجن فذهبت معهم فقرات عليهم القرآن وانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم وسألوه الزاد فقال لكم كل عظم ولكم كل بعرة علفا لدوابكم ثم قال لا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم انتهى وفي لفظ له قال لم أكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ووددت أني كنت معه وفي لفظ وكانوا من جن الجزيرة ورواه أبو داود مختصرا لم يذكر القصة ولفظه عن علقمة قال قلت لعبد الله بن مسعود من كان منكم مع النبي صلى الله عليه وسلم قال ما كان معه منا أحد انتهى ورواه الترمذي بتمامه في الجامع في تفسير سورة الأحقاف وهذا الحديث يدفع تأويل من جمع بين الأخبار الدالة على أنه شهد وانه لم يشهد بأنه كان معه واجلسه في الحلقة وعند مخاطبته للجن لم يكن معه قال البيهقي في دلائل النبوة وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن بن مسعود لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وإنما كان معه حين انطلق به وبغيره يريهم آثارهم وآثار نيرانهم قال وقد روى أنه كان معه ليلته ثم أسند إلى عبد الله بن مسعود قال اتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أمرت ان اقرأ على إخوانكم من الجن ليقم معي رجل منكم ولا يقم معي رجل في قلبه مثقال حبة من كبر قال فقمت معه ومعي إداوة من ماء حتى إذا برزنا خط حولي خطة ثم قال لا تخرجن منها فإنك ان خرجت منها لم ترني ولم ارك إلى يوم القيامة هل معك من وضوء قلت لا قال فما في إداوتك قلت نبيذ قال تمرة حلوة وماء طيب ثم توضأ وأقام الصلاة فلما قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع قال ألم آمر لكما ولقومكما ما يصلحكما قالا بلى ولكنا أحببنا ان يحضر بعضنا معك قال ممن أنتما قالا من أهل نصيبين قال قد أفلح هذان وقومهما وامر لهما بالطعام والرجيع ونهانا ان نستنجي بعظم أو روث انتهى وهذا رواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه وألفاظهم متقاربة قال البيهقي وهذا يخالف ما في الصحيح من فقدهم إياه حتى قيل اغتيل واستطير الا ان يكون المراد
(٢١١)