يحصى وقد يحصل غير المنوي لمدرك آخر كمن دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها لأن القصد بالتحية شغل البقعة وقد حصل وهذا بخلاف من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة فإنه لا يحصل له غسل الجمعة على الراجح لأن غسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيف فلا بد من القصد إليه بخلاف تحية المسجد والله أعلم وقال النووي: أفادت الجملة الثانية اشتراط تعيين المنوي كمن عليه صلاة فائته لا يكفيه أن ينوي الفائتة فقط حتى يعينها ظهرا مثلا أو عصرا ولا يخفي أن محله ما إذا لم تنحصر الفائتة (فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله) الهجرة الترك والهجرة إلى الشئ الانتقال إليه عن غيره وفي الشرع ترك ما نهى الله عنه وقد وقعت في الإسلام على وجهين الأول الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرتي الحبشة وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة الثاني الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة إلى أن فتحت مكة فانقطع الاختصاص وبقي عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه باقيا فإن قيل الأصل تغاير الشرط والجزاء وقد وقعا في هذا الحديث متحدين فالجواب أن التغاير يقع تارة باللفظ وهو الأكثر وتارة بالمعنى ويفهم ذلك من السياق ومن أمثلته قوله تعالى ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا وهو مؤول على إرادة المعهود المستقر في النفس كقولهم أنت أنت أي الصديق الخالص وقولهم هم هم أي الذين لا يقدر قدرهم وقول الشاعر أنا أبو النجم وشعري وشعري أو هو مؤول على إقامة السبب مقام المسبب لاشتهار السبب وقال ابن مالك قد يقصد بالخبر الفرد بيان الشهرة وعدم التغير فيتحد بالمبتدأ لفظا كقول الشاعر خليلي خليلي دون ريب وربما الآن امرؤ قولا فظن خليلا وقد يفعل مثل هذا بجواب الشرط كقولك من قصدني فقد قصدني أي فقد قصد من عرف بإنجاح قاصده وقال غيره إذا اتحد لفظ المبتدأ والخبر والشرط والجزاء علم منهما المبالغة إما في التعظيم وإما في التحقير (إلى الدنيا) بضم الدال وبكسر وهي فعلي من الدنو وهو القرب لدنوها إلى الزوال أو لقربها من الآخرة منا ولا تنون لأن ألفها مقصورة للتأنيث أو هي تأنيث أدنى وهي كافية في منع الصرف وتنويها في لغة شاذة ولإجرائها مجرى الأسماء وخلعها عن الوصفية نكرت
(٢٣٣)