(باب ما جاء في الاكتحال) قوله: (اكتحلوا بالإثمد) بكسر الهمزة والميم ثاء مثلثة ساكنة وحكى فيه ضم الهمزة حجر معروف أسود يضرب إلى الحمرة يكون في بلاد الحجاز وأجوده يؤتى به من أصبهان واختلف هل هو اسم الحجر الذي يتخذ منه الكحل أو هو نفس الكحل ذكره ابن سيده وأشار إليه الجوهري كذا في الفتح قال التوربشتي هو الحجر المعدني وقيل هو الكحل الأصفهاني ينشف الدمعة والقروح ويحفظ صحة العين ويقوي غصنها لا سيما للشيوخ والصبيان وفي رواية بالإثمد المروح وهو الذي أضيف المسك الخالص قاله الترمذي وفي سنن أبي داود أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإثمد المروح عند النوم وقال ليقة الصائم كذا في المرقاة (فإنه يجلو البصر) من الجلاء أي يحسن النظر ويزيد نور العين وينظف الباصرة لدفع المواد الرديئة النازلة إليها من الرأس (وينبت) من الاثبات (الشعر) بفتحتين ويجوز إسكان العين لكن قال ميرك الرواية بفتحها قال القاري: ولعل وجهه مراعاة لفظ البصر وهو من المحسنات اللفظية البديعة والمناسبات السجعية ونظيره ورود المشاكلة في لا ملجأ ولا منجا ورواية أذهب الباس رب الناس بإبدال همزة الباس ونحوهما والمراد بالشعر هنا الهدب وهو بالفارسية مره وهو الذي ينبت على أشفار العين وعند أبي عاصم والطبري من حديث علي بسند حسن عليكم بالإثمد فإنه منبتة الشعر مذهبة للقذى مصفاة للبصر (وزعم) أي ابن عباس وهو المفهوم من رواية ابن ماجة وروايات الترمذي في الشمائل أيضا وهو أقرب وبالاستدلال أنس وقيل أي محمد بن حميد شيخ الترمذي قاله القاري قلت الأول هو المتعين المتعمد يدل عليه رواية الترمذي في باب السعوط من أبواب الطب ثم قال القاري والزعم قد يطلق ويراد به القول المحقق وإن كان أكثر استعماله في المشكوك فيه أو في الظن الباطل قال تعالى (زعم الذين كفروا) وفي الحديث بئس مطية الرجل زعموا على ما رواه أحمد وأبو داود عن حذيفة فإن كان الضمير لابن عباس عن ما هو المتبادر من السياق فالمراد به القول المحقق كقول أم هانئ عن أخيها علي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم زعم ابن أمي أنه قاتل فلان وفلان لاثنين من أصهارها أجرتهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم أجرنا من أجرت وإن كان لمحمد بن حميد على ما زعم بعضهم فالزعم باق على حقيقته من معناه المتبادر إشارة إلى
(٣٦٥)